عرفته؟ قال : منذ سموني مجنوناً. جعل دلالة معرفة له تعظيم قدره عنده.
قال سهل : سبحان من لم يدرك العباد من معرفته إلا عجزاً عن معرفته.
تصوراتهم عن العارف بالله تعالى
ـ التعرف لمذهب أهل التصوف للكلاباذي ص ١٣٦ ـ ١٣٨
سئل الحسن بن علي بن يزدانيار : متى يكون العارف بمشهد الحق؟ قال : إذا بدا الشاهد ، وفني الشواهد ، وذهب الحواس ، واضمحل الاِخلاص.
معنى بدا الشاهد : يعني شاهد الحق ، وهو أفعاله بك مما سبق منه إليك من بره لك ، وإكرامه إياك بمعرفته ، وتوحيده ، والاِيمان به ، تفنى رؤية ذلك منك رؤية أفعالك وبرك وطاعتك ، فترى كثير ما منك مستغرقاً في قليل ما منه ، وإن كان ما منه ليس بقليل ، وما منك ليس بكثير. وفناء الشواهد : بسقوط رؤية الخلق عنك ، بمعنى الضر والنفع والذم والمدح. وذهاب الحواس هو معنى قوله : فبي ينطق وبي يبصر ، الحديث. ومعنى اضمحل الاِخلاص : أن لا يراك مخلصاً ، وما خلص من أفعالك خلص ، ولن يخلص أبداً إذا رأيت صفتك ، فإن أوصافك معلولة مثلك.
سئل ذوالنون عن نهاية العارف فقال : إذا كان كما كان حيث كان قبل أن يكون معناه : أن يشاهد الله وأفعاله دون شاهده وأفعاله.
قال بعضهم : أعرف الخلق بالله أشدهم تحيراً فيه.
قيل لذي النون : ما أول درجة يرقاها العارف؟
فقال : التحير ، ثم الاِفتقار ، ثم الاِتصال ، ثم التحير.
الحيرة الاَولى في أفعاله به ونعمه عنده ، فلا يرى شكره يوازي نعمه ، وهو يعلم أنه مطالب بشكرها ، وإن شكر كان شكره نعمة يجب عليه شكرها ، ولا يرى أفعاله أهلاً أن يقابله بها استحقاراً لها ، ويراها واجبة عليه ، لا يجوز له التخلف عنها.
وقيل قام الشبلي يوماً يصلي فبقى طويلاً ثم صلى فلما انفتل عن صلاته قال : يا ويلاه إن صليت جحدت ، وإن لم أصل كفرت.