وقال أبوبكر السباك : لما خلق الله العقل قال له : من أنا؟ فسكت فكحله بنور الوحدانية ففتح عينيه فقال : أنت الله لا إلَه إلا أنت. فلم يكن للعقل أن يعرف الله إلا الله.
تحيرهم في الفرق بين العلم والمعرفة
ثم اختلفوا في المعرفة نفسها : ما هي؟ والفرق بينها وبين العلم.
فقال الجنيد : المعرفة وجود جهلك عند قيام علمه. قيل له زدنا ، قال : هو العارف وهو المعروف. معناه : إنك جاهل به من حيث أنت ، وإنما عرفته من حيث هو. وهو كما قال سهل : المعرفة هي المعرفة بالجهل.
وقال سهل : العلم يثبت بالمعرفة ، والعقل يثبت بالعلم ، وأما المعرفة فإنها تثبت بذاتها. معناه : إن الله إذا عرف عبداً نفسه فعرف الله تعالى بتعرفه إليه ، أحدث له بعد ذلك علماً ، فادرك العلم بالمعرفة وقام العقل فيه بالعلم الذي أحدثه فيه.
وقال غيره : تبين الاَشياء على الظاهر علم ، وتبينها على استكشاف بواطنها معرفة. وقال غيره : أباح العلم للعامة وخص أولياءه بالمعرفة.
وقال أبوبكر الوراق : المعرفة معرفة الاَشياء بصورها وسماتها ، والعلم علم الاَشياء بحقائقها.
وقال أبو سعيد الخراز : المعرفة بالله هي علم الطلب لله من قبل الوجود له ، والعلم بالله هو بعد الوجود ، فالعلم بالله أخفى وأدق من المعرفة بالله.
وقال فارس : المعرفة هي المستوفية في كنه المعروف.
وقال غيره : المعرفة هي حقر الاَقدار إلا قدر الله ، وأن لا يشهد مع قدر الله قدراً.
وقيل لذي النون : بم عرفت ربك؟ قال : ما هممت بمعصية فذكرت جلال الله إلا استحييت منه. جعل معرفته بقرب الله منه دلالة المعرفة له.
وقيل لعليان : كيف حالك مع المولى؟ قال : ما جفوته منذ عرفته. قيل له : متى