فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : لا ويلَ عليكِ ، الويلُ لشانئكِ [٦] ، نَهْنِهي عن وَجْدِكِ يا ابنةَ الصَّفوة
[٧] وبقيَّةَ
النبوة ، فما ونيتُ عن ديني ، ولا أخطأتُ مقدوري [٨] ، فإنْ كنتِ تريدين البُلغة فرزقكِ
مضمونٌ ، كفيلك مأمون ، وما أعد لكِ أفضلُ مما قُطع عنكِ [٩].
أي الله يقيم العذر
من قبلي في إساءتي اليك حال صرفك المكاره ودفعك الظلم عني ، أو حال تجاوزك الحد في
القعود عن نصري ، أي عذري في سوء الأدب إنك قصرت في إعانتي والذب عني. والحماية عن
الرجل : الدفع عنه. ويحتمل ان يكون « عذيري » منصوبا كما هو الشايع في هذه الكلمة
، و « الله » مجروراً بالقسم ، يقال : عذيرك من فلان أي هات من يعذرك فيه. ومنه
قول أمير المؤمنين عليهالسلام
حين نظر إلى ابن ملجم ـ لعنه الله ـ : « عذيرك من حليلك من مراد ». والأوّل أظهر.
[١] قال الجوهري : «
ويل » كلمة مثل ويح إلاّ انها كلمة عذاب ، يقال : « ويله وويلك وويلي ، وفي الندبة
ويلاه ». ولعله جمع بين الف الندبة وياء المتكلم. ويحمتل ان يكون بصيغة التثنية ،
فيكون مبتدأ والظرف خبره ، والمراد به تكرر الويل.
وفي رواية السيد : « ويلاه في
كل شارق ، ويلاه في كل غارب ، ويلاه مات العمد ، وذل العضد ـ إلى قولها عليهاالسلام ـ اللّهمّ أنت أشد قوة وبطشا
». والشارق : الشمس ، أي عند كل شروق شارق وطلوع صباح كل يوم. قال الجوهري : «
والشرق : المشرق ، والشرق : الشمس ، يقال : طلع الشرق ، ولا آتيك ما ذر شارق ،
وشرقت الشمس تشرق شروقا ، وشرقا ، أيضا ، أي طلعت اشرقت أي أضاءت ».
[٢] العمد ،
بالتحريك وبضمتين : جمع العمود. ولعل المراد هنا ما يعتمد عليه في الامور.
[٣] الشكو : الإسم
من قولك : شكوت فلانا شكاية. والعدوى : طلبك إلى وال لينتقم لك ممن ظلمك.
[٤] الحول : القوة
والحيلة والدفع والمنع ، والكل هنا محتمل.
[٦] العذاب والشر
لمبغضك ، والشناءة : البغض. وفي رواية السيد : « لمن احزنك ».
[٧] نهنهت الرجل عن
الشيء فتنهنه ، أي كففته وزجرته فكف. والوجد : الغضب أي امنعي نفسك عن غضبك ، وفي
بعض النسخ : « تنهنهي » وهو أظهر. والصفوة ، مثلثة : خلاصة الشيء وخياره.
[٨] الوني ، كفتى :
الضعف والفتور والكلال ، والفعل كوقى يقي ، أي ما عجزت عن القيام بما أمرني به ربي
وما تركت ما دخل تحت قدرتي.
[٩] البلغة : بالضم
: ما يتبلغ به من العيش ، والضامن والكفيل للرزق هو الله تعالى. وما اعد لها هو
ثواب الاخرة.