نام کتاب : مختصر بصائر الدّرجات - ط مؤسسة النشر الإسلامي نویسنده : الحلي، الشيخ عزّ الدين جلد : 1 صفحه : 514
قال : « يا إسحاق ليس تدرون من أين
اُوتيتم؟ » فقلت : لا والله جعلت فداك إلاّ أن تخبرني ، فقال لي : « يا إسحاق إنّ
الله عزّ وجلّ لم يزل متفرّداً بالوحدانية ، ابتدأ الأشياء لا من شيء ، فأجرى
الماء العذب على أرض طيّبة طاهرة سبعة أيّام مع لياليها ، ثم نضب [١] الماء عنها ، فقبض قبضة من صفاوة ذلك
الطين ـ وهي طينتنا أهل البيت ـ ثمّ قبض قبضة من أسفل ذلك الطين ـ وهي طينة شيعتنا
ـ ثمّ اصطفانا لنفسه ، فلو أنّ طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لما زنى أحد منهم
، ولا سرق ، ولا لاط ، ولا شرب المسكر ، ولا اكتسب شيئاً ممّا ذكرت.
ولكنّ الله عزّ وجلّ أجرى الماء المالح
على أرض ملعونة سبعة أيام ولياليها ، ثمّ نضب الماء عنها ، ثمّ قبض قبضة وهي طينة
ملعونة من حمإ مسنون [٢]
، وهي طينة خبال [٣]
، وهي طينة أعدائنا ، فلو أنّ الله عزّ وجلّ ترك طينتهم كما أخذها لم تروهم في
خُلُق الآدميّين ، ولم يقرّوا بالشهادتين ، ولم يصوموا ، ولم يصلّوا ، ولم يزكّوا
، ولم يحجّوا البيت ، ولم تروا أحداً منهم بحسن الخلق ، ولكنّ الله تبارك وتعالى
جمع الطينتين ـ طينتكم وطينتهم ـ فخلطهما وعركهما عرك الأديم ومزجهما بالماءين.
فما رأيت من أخيك المؤمن من شرّ لفظ أو
زِنا ، أو شيء ممّا ذكرت من شرب مسكر أو غيره ، فليس من جوهريّته ، ولا من إيمانه
، إنّما هو بمسحة الناصب ، اجترح هذه السيّئات التي ذكرت ، وما رأيت من الناصب من
حسن وجه وحسن
[١] نَضَبَ : أي غار
في الأرض. الصحاح ١ : ٢٢٦ ـ نضب.