وعلة هذا
التناقض في دعوى الاجماع الصادرة من أعلام الفقه ، أن مدرك حجية الاجماع دخول قول
المعصوم (ع) في المجمعين ، فكما أن خبر الثقة ، وروايته عن المعصوم (ع) ، يكشف عن
قوله (ع) كشفاً حسياً ، فالاجماع كذلك يكشف عن قوله (ع) ، اما كشفاً حدسياً كما
عليه الاكثر ، لقاعدة اللطف ونحوها ، او حسياً كما عن بعضهم ، فيكون بمنزلة ما لو
سمع الحكم من الإمام (ع) في جملة جماعة لا يعرف اعيانهم ، فيحصل بذلك العلم بقوله
(ع).
وقد أورد الشيخ الانصاري على الكشف
الحسي بأنه « في غاية القلة بل نعلم جزماً : أنه لم يتفق لاحد من هؤلاء الحاكين
للاجماع ، كالشيخين والسيدين ، وغيرهما. ولذا صرح الشيخ في ( العدة ) في مقام الرد
على السيد ، حيث انكر الاجماع من باب وجوب اللطف ، بأنه لولا ( قاعدة اللطف ) لم
يمكن التوصل الى معرفة موافقة الإمام (ع) للمجمعين » [٢].
وعليه فاذا حصل العلم للفقيه بقول
المعصوم (ع) من فتوى جماعة بحكم يدعي الاجماع عليه ، وإذا اتفق له بعد ذلك حصول
العلم بقول المعصوم (ع) من فتوى جماعة آخرين على خلاف الحكم الاول يدعي الاجماع
على الثاني ، حيث ينكشف له خطأ الدعوى الاولى ، فيحدث التناقض بين دعوييه. ومثله
اختلاف الفقيهين في دعوى الاجماع. قال المحقق الحلي : « وأما الاجماع فعندنا هو
حجة بانضمام المعصوم (ع) ، فلو خلا المائة من فقهائنا عن قوله (ع) لما كان حجة ،
ولو حصل في اثنين لكان قولهما حجة ، لا باعتبار اتفاقهما ، بل باعتبار قوله (ع) ،
فلا تغتر إذن بمن يتحكم فيدعي الاجماع باتفاق الخمسة والعشرة من الاصحاب