نام کتاب : روية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 93
( 8 )
الرؤية القلبيّة
كان المرتقب من أئمة الحديث والكلام الإشارة إلى قسم آخر من الرؤية الّذي لا يتوقّف على الأعين والأبصار ، ينالُها الأمثل فالأمثل من المؤمنين ، قال سبحانه : (كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَينَ الْيَقِين)[1] ، فمن علم عين اليقين يرى لهيب الجحيم من هذه النشأة لا بعين مادية ولا بصر جسماني ، إنّما هي رؤية أخبر عنها الكتاب ، ولا تتوقّف على الجهة والمقابلة ، ولا التجسيم والمشابهة ، وليس المراد من الرؤية في الآية العلمَ القطعيّ; فإنّ العلم إن كان قطعياً غير الرؤية ، قال سبحانه : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)[2] .
قال العلاّمة الطباطبائي : إنّه تعالى يُثبت في كلامه قسماً من الرؤية والمشاهدة وراء الرؤية البصرية الحسّية; وهي نوع شعور في الإنسان ، يشعر بالشيء بنفسه من غير استعمال آلة حسية أو فكرية ، وفي ضوء ذلك إنّ للإنسان شعوراً بربّه غير ما يعتقد بوجوده من طريق الفكر واستخدام الدليل ، بل يجده وجداناً من غير أن يحجبه عنه حاجب ولا يجرّه إلى الغفلة عنه اشتغاله بنفسه ومعاصيه الّتي اكتسبها ، والذي يتجلّى من كلامه سبحانه أنّ هذا العلم المسمّى بالرؤية واللقاء يتمّ للصالحين من عباد الله يوم القيامة ، فهناك مواطن التشرّف بهذا التشريف ، وأمّا في هذه الدنيا والإنسان مشتغل ببدنه ومنغمر في غمرات