نام کتاب : العبادة حدّها ومفهومها نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 23
الاِلوهيّة، وهي من خصائص الله سبحانه لا غير، فيتحصّل من ذلك أنّ العبادة
عبارة عن الخضوع أمام موجود للاعتقاد بأنّه إله حقيقيّ أو مجازيّ، ولولا ذلك
الاعتقاد لا يوصف الخضوع بالعبادة، والشاهد عليه أنّ العاشق الولهان إذا خضع
لمعشوقته، خضوعاً بالغاً لا يعدّ عبادة لها؛ لاَنّه لم يصدر عن الاعتقاد بإلوهيتها
وأنّها إله، وإنّما صدر عن اعتقاد بأنّها جميلة تجذب الاِنسان بنفسيّتها وجمالها.
ويدلّ على ما ذكرنا من أنّ دعوة المشركين وخضوعهم ونداءهم وسؤالهم
كانت مصحوبة بالاعتقاد بإلوهية أصنامهم، أنّه سبحانه يفسّر الشرك في بعض
الآيات باتّخاذ إله مع الله.
وفي بعض الآيات يندّد بالمشركين بأنّه ليس لهم إله غير الله فكيف يعبدون
غيره، ويقول: (أمْ لَهُمْ إلهٌ غَيرُ اللهِ سُبحانَ اللهِ عَمّا يُشْرِكُونَ )[2].
والاِمعان في هذه الآيات ونظائرها يؤكد أنّ اندفاع المشركين إلى عبادة
الاَصنام أو اندفاع الموحّدين إلى عبادة الله هو اعتقادهم بكونهم آلهة أو كونه إلهاً،
فهذا الاعتقاد كان يدفعهم إلى العبادة، ولاَجل ذلك كانوا يقدّمون لمعبوداتهم
النذور والقرابين وغيرهما من التقاليد والسنن. ولمّا كانت كلمة التوحيد تهدِّم
عقيدتهم بإلوهية غيره سبحانه لذلك كانوا يستكبرون عند سماعها، كما قال
سبحانه: (إنَّهُمْ كانُوا إذا قِيلَ لَهُمْ لا إلهَ إلاّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ )[3].