ولا يخفى أنّ هاتين الجملتين معطوفة على الصلة لاسم الموصول، وهو في
موضع نعت أو بيان للمتّقين، فتكون هذه الجمل الثلاثة في الصلة مبيّنة لأعمدة
التقوى وهي الإيمان بالغيب وإقامة الصلاة، والإنفاق ممّا يملكه المؤمن، كما لا
يخفى أنّ إقامة الصلاة يغاير مجرّد أدائها، بل إقامة الصلاة لا يقتصر على أدائها
بحدودها، بل يشمل ما في قوله تعالى: (وَ كانَ يَأْمُرُ
أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ)[1].
وقوله تعالى: (الَّذِينَ إِنْ
مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ)[3]، أيإقامة الصلاة كشعيرة في المجتمع كما أنّ هذه الآية من الحجّ
تبيّن عمدة وظائف الحاكم في نظام الشريعة، فيظهر من كلّ منهما أنّ إقامة الصلاة
وإيتاء الزكاة ركنان في التقوى وركنان في وظائف الحكم.
وقد بُيّن أنّ هذين الركنين يؤسّسان البُنية الرئيسيّة لمجتمع
الإيمان، أحدهما في البُعد الروحيّ، سواء الفرديّ أو الاجتماعيّ، والآخر البُعد
المادّي، وهو التكافل في المادّة والأموال، وفيما ورد عنهم عليهم السلام شمول
الإنفاق إلى إنفاق العلم ومعرفة الهداية، فعن أبي عبداللَّه عليه السلام، قال:
«ممّا علّمنا هم ينبئون، وما علّمناهم من القرآن يتلون» [4]،
وهو بيان للمصاديق الأكثر خطورة.