فجملة هذه الآيات تكشف عن أن الانتماء إلى النحلة الإسلاميّة بمجردّه
لا يوجب الهدآية المطلوبة للنجاة و لسلوك الصراط المستقيم ما لم ينضم إلى ذلك
الاتّباع و الاهتداء بهداة هادين في هذه الامّة، كما هو مفاد هذه السورة.
و ممّا يوضّح أن أهل النجاة في الامّة الإسلاميّة إنّما هم خصوص من
اهتدوا إلى الصراط المستقيم، و اتّبعوا الهداة أصحاب الصراط، مضافا إلى ما تقدّم،
أن في العديد من الآيات و السور التعرّض إلى تقسيم المسلمين إلى أقسام متعدّدة،
منهم المسلم غير المؤمن، و منهم المؤمن، و منهم المنافق، و منهم المستضعف، و منهم
المرجون لأمر الله، و منهم أهل الضلال في مقابل أهل الهدآية، و منهم من غضب الله
عليه، و منهم من رضي عنه، و غيرهم من الأصناف التي استعرضتها الآيات حول صفات
المسلمين الذين كانوا في عهده صلى الله عليه و آله.
ظاهرة التمذهب في عصر الرسالة
فهذا التصنيف و التقسيم في القرآن الكريم يشير إلى حقيقة مهمّة، و هي
أن ظاهرة المذهبيّة العقائديّة و التمذهب العقائدي قد نشأ في عهد الرسالة الأوّل
في عهد الرسول صلى الله عليه و آله، بل سيأتي في سورة البقرة في آية:
(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أن ذلك نشأ- كما في سورة المدّثّر-
في أوائل بعثة الرسالة، رغم أن ظاهر الإسلام يحتضن الجميع، و يكفل للجميع حقوق
المواطن الإسلامي، كما يقرّر على