فإنّك تراه يزاوج في منبع المعرفة لمدرسة الحكمة المتعالية، ويصرّح بأنّ قول المعصوم وسط برهانيّ، حتّى أنّه في مسألة حدوث العالم المادّي التي اشتهر إنكارها عن الحكماء الأوائل، لم يعبأ بآرائهم في قبال قول المعصوم عليه السلام المقطوع به، وقد وصف هذه المسألة بالمسألة العظيمة في معارف الحكمة.
وقال ابن سينا في إلهيات الشفاء:
«واعلم أنّ أكثر ما يقرّ به الجمهور وينزع إليه ويقول به فهو حقّ، وأنّما يدفعه هؤلاء المتشبّهة بالفلاسفة، جهلًا منهم بعلله وأسبابه، وقد عملنا في هذا الباب كتاب البِرّ والإثم، فتأمّل شرح هذه الأمور من هناك وصدّق بما يحكى من العقوبات الإلهيّة النازلة على مدنٍ فاسدة، وأشخاص ظالمة، وانظر أنّ الحقّ كيف يُنصر؟» [2].
هذا والملاحظ أنّ كثيراً من الأجيال البشريّة إلى يومنا هذا، حتّى الكثير من عامّة المسلمين، يذهبون إلى تجسيم ربّ العزّة سبحانه واشتقاق الخلق منه بالتوليد. ولولا بركات هداية العترة من آل محمّد عليهم السلام لقال قاطبة المسلمين بذلك، إذ أنّهم عليهم السلام قد تصدّوا لنفي التجسيم عنه تعالى ونفي الأين والمكان،