العملية. فيبحث عن تعيّنات هذه الحجج المعلومة بالإجمال، و انّها هل تتشخّص بخبر الواحد أو لا؟ و بالقياس و عدمه، إلى غير ذلك. فقولنا: خبر الواحد حجّة أو القياس حجّة، يرجع واقعهما إلى تعيّن الحجّة الكليّة غير المتشخّصة في خبر الواحد و القياس و غيرهما، حتّى أنّ البحث عن كون الأمر ظاهراً في الوجوب و النهي في الحرمة يرجع لب البحث فيه إلى وجود الحجّة على لزوم إتيان الأمر الفلاني أو وجود الحجّة على تركه. [1]
اتّجاهان في تدوين أُصول الفقه
قام بتدوين أُصول الفقه في أوّل الأمر طائفتان هما المتكلّمون و الفقهاء.
الطائفة الأُولى: كانت تمثّل المذهب الشافعي في الفقه.
و الطائفة الثانية: كانت تمثّل مذهب الإمام أبي حنيفة.
و لأجل التعرّف على كلا الاتّجاهين عن كثب، نذكر شيئاً منهما، ثمّ نشير إلى أسماء الكتب الّتي أُلّفت في هذين المضمارين.
طريقة المتكلّمين
تمتّعت طريقة المتكلّمين بالأُمور التالية:
أ. النظر إلى أُصول الفقه نظرة استقلالية حتّى تكون ذريعة لاستنباط الفروع الفقهية، فأخذوا بالفروع لما وافق الأُصول و تركوا ما لم يوافق، و بذلك صار أُصول الفقه علماً مستقلًا غير خاضع للفروع التي ربّما يستنبطها الفقيه من دون رعاية الأُصول.