فالضمير في قوله : «إنّه» يعود إلى الرزق والوعد الواردين في الآية المتقدّمة
، قال سبحانه: (وَفِي السَّماءِ رِزْقكُمْ وَما تُوعَدُون) والمراد من الوعد هو الجنة.
ثمّأشار (انّه لحقّمثل ما أنّكم تنطِقُون) وكما أنّ العلم بهذا الاَمر ـ أي النطق
ـ أمر ملموس لا شبهة فيه، فهكذا الرزق والوعد من قبيل تشبيه المعقول
بالمحسوس.
حكى الزمخشري عن الاَصمعي قال: أقبلت من جامع البصرة فطلع أعرابي
على قعود له، فقال: ممن الرجل؟ قلت: من بني أصمع، قال: من أين أقبلت؟ قلت:
من موضع يتلى فيه كلام الرحمن، فقال: اتل عليّفتلوت «والذاريات» فلمّا بلغت
قوله: (وَفِي السَّماءِرزْقكُمْ) قال: «حسبك» ، فقام إلى ناقته، فنحرها ووزّعها على
من أقبل وأدبر وعمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وولّى، فلما حججت مع الرشيد ،
طفقت أطوف فإذا أنا بمن يهتف بي بصوت رقيق، فالتفتّ فإذا أنا بالاَعرابي قد
نحل واصفرّفسلّم عليَّ و استقرأ السورة، فلمّـا بلغت الآية، صاح وقال: قد وجدنا
ما وعدنا ربُّنا حقّاً، ثمّ قال: وهل غير هذا؟ فقرأت: (فوربّ السّماء والاَرض انّه
لحقّ) فصاح، وقال: يا سبحان اللّه من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف لم
يصدقوه بقوله حتى ألجوَه إلى اليمين، قالها ثلاثاً، وخرجت معها نفسه. [2]
إلى هنا تمّ تفسير الآيات التي أقسم فيها سبحانه بربوبيّته، وإليك الكلام في
المقسم به، والمقسم عليه.