في العقلاء، ولم يفعل الإيمان فيهم لأنّه كلّفهم به، ويثيب على الإيمان، فمعاني الهداية صادقة في حقه تعالى إلاّ فعل ما كلّف به.
وإذا قيل إنّه تعالى يهدي ويضلّ فإنّ المراد به أنّه يهدي المؤمنين بمعنى أنّه يثيبهم ويضلّ العصاة بمعنى أنّه يهلكهم ويعاقبهم، وقول موسى ـ عليه السَّلام ـ (إنْ هيَ إلاّ فِتْنَتُكَ)[1] فالمراد بالفتنة الشدة والتكليف الصعب، يضلّ بها من يشاء أي يهلك من يشاء وهم الكفّار.
المسألة العاشرة: في أنّه تعالى لايعذّب الأطفال
قال: وتعذيبُ غيرِ المكلّف قبيحٌ، وكلامُ نوح ـ عليه السَّلام ـ مجازٌ، والخدمةُ ليست عقوبةً له، والتبعيَّةُ في بعض الأحكام جائزةٌ.
أقول: ذهب بعض الحشوية إلى أنّ اللّه تعالى يعذّب أطفال المشركين، ويلزم الأشاعرة تجويزه، والعدلية كافة على منعه، والدليل عليه أنّه قبيح عقلاً فلا يصدر منه تعالى.
احتجّـوا بوجـوه: الأوّل: قـول نوح ـ عليه السَّلام ـ [2] : (ولا يَلِدُوا إلاّ فاجِراً كَفّاراً)[3].
[1] الأعراف: 155.
[2] وجه الاستدلال أنّ الآية دلّت على أنّ ولد الكافر كافر، وثبت أنّ كل كافر في النار، فينتج أنّ ولد الكافر في النار، والجواب عدم تكرر الحدّ الأوسط، لأنّ المراد منه في الصغرى هو الكافر مجازاً والمراد منه في الكبرى هو الكافر حقيقة.
[3] نوح: 27.