وقال عباد وجماعة من البصريين وآخرون من البغداديين: المراد بالموازين العدل دون الحقيقة.
وأمّا الصراط فقد قيل : إنّ في الآخرة طريقين: إحداهما إلى الجنة يهدي اللّه تعالى أهل الجنّة إليه، والأُخرى إلى النار يهدي اللّه تعالى أهل النار إليها، كما قال تعالى في أهل الجنّة: (سَيَهدِيهِمْ ويُصلِحُ بالَهُمْ* ويُدخلُهُمُ الجنَّةَ عَرَّفها لَهُمْ)[1] وقال في أهل النار: (فَاهدُوهُمْ إلى صِـراطِ الجَحيم)[2].
وقيل: إنّ هناك طريقاً واحداً على جهنم يكلَّف الجميع المرور عليه، ويكون أدقّ من الشعر و أحدّ من السيف، فأهل الجنّة يمرون عليه لا يلحقهم خوف ولا غم والكفار يمرون عليه عقوبة لهم وزيادة في خوفهم فإذا بلغ كل واحد إلى مستقره من النار سقط من ذلك الصراط.
قال: والسمعُ دلَّ على أنّ الجنّة والنار مخلوقتان الآن، والمعارضات متأولةٌ.
أقول: اختلف الناس في أنّ الجنّة والنار هل هما مخلوقتان الآن أم لا؟ فذهب جماعة إلى الأوّل وهو قول أبي علي، وذهب أبو هاشم والقاضي إلى أنّهما غير مخلوقتين.
[1] محمد: 5 ـ 6.
[2] الصافات: 23.
[3] آل عمران: 133.
[4] البقرة: 24، آل عمران: 131.
[5] البقرة:35. الجنة الواردة في هذه الآية غير جنة الخلد التي لا يخرج منها الإنسان إذا دخل، وقد خرج آدم منها، فدلّ على أنّها ليست هذه، وفي الروايات تصريح بذلك.
[6] النجم: 15.