وإذا[فإذاً ـ ظ] كان ممكناً واللّه تعالى قادر على كل ممكن، وقد أخبر اللّه تعالى بوقوعه [3] في قوله: (كيفَ تَكفُرونَ باللّهِ وكُنتمْ أمواتاً فَأحياكُمْ ثُمَّ يُميتُكُمْ ثُمَّ يُحيِيكُمْ ثمَّ إليهِ تُرجَعونَ).[4]
فذكر الرجوع بعد إحياءين وإنّما يكون بإحياء ثالث.
وقال تعالى: (قالُوا ربَّنا أمَتَّنا اثْنَتَينِ وأحْيَيتَنَا اثنَتينِ فَاعتَرفنا بذُنوبِنا)[5].
فذكر موتتين: إحداهما في الدنيا والأُخرى في القبر، وذكر إحياءين: أحدهما في الدنيا والآخر في القبر، ولم يذكر الثالث لأنّه معلوم وقع فيه الكلام وغير الحي لا يتكلم، وقيل إنّما أخبروا عن الإحياءين اللذين عرفوا اللّه تعالى فيهما ضرورة فأحدهما في القبر والآخر في الآخرة ولهذا عقب بقوله: (فَاعترَفنا بذُنُوبنا).
[1] المائدة: 33.
[2] التوبة: 52.
[3] الظاهر عدم دلالة الأولى على الحياة البرزخية ودلالة الثانية عليها.
أمّا الأُولى: فلأنّها تخبر عن موت، وإماتة، وإحياءين.
فالمراد من الموت: هو حال النطفة قبل ولوج الروح.
ومن الإماتة: هو الانتقال من الدنيا.
ومن الإحياء الأوّل: هو ولوج الروح فيها.
ومن الإحياء الثاني: هو الإحياء يوم القيامة.
وهذا بخلاف الثانية فإنّها تخبر عن الإماتتين وإحياءين، ولا تصدق الإماتة إلاّ بعد الحياة، فلا محيص عن تفسير الآية إلاّ بالنحو التالي:
الإماتة الأُولى: هي الإماتة الناقلة للإنسان من الدنيا.
والإحياء الأوّل: هو الإحياء بعد الانتقال منها.
والإماتة الثانية:أي الاجابة قُبيل القيامة عند نفخ الصور الأوّل.
والإحياء الثاني:هو الإحياء عند نفخ الصور الثاني، قال سبحانه: (ونُفِخَ في الصُّورِ فَصَعِقَ مَن في السمواتِ ومَن في الأَرْضِ إلاّ مَن شاءَ اللّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخرى فإذا هُمْ قِيامٌ يَنظُرُونَ)