أقول: اختلف الناس هنا، فقال جماعة من المعتزلة بالإحباط والتكفير، ومعناهما أن المكلف يسقط ثوابه المتقدم بالمعصية المتأخرة أو تكفّر ذنوبه المتقدمة بطاعته المتأخرة، ونفاهما المحققون، ثم القائلون بهما اختلفوا:
فقال أبو علي: إنّ المتأخر يسقط المتقدم ويبقى على حاله.
وقال أبو هاشم: إنّه ينتفي الأقل بالأكثر [2] وينتفي من الأكثر بالأقل ما ساواه ويبقى الزائد مستحقاً وهذا هو الموازنة.
ويدلّ على بطلان الإحباط أنّه يستلزم الظلم، لأن من أساء وأطاع وكانت إساءته أكثر يكون بمنزلة من لم يحسن وإن كان إحسانه أكثر يكون بمنزلة
[1] الزلزلة: 7.
[2] حاصل الفرق بين القولين أنّ أبا علي يقول بأنّ المتأخر وإن كان أقلَّ يُسقط المتقدم وإن كان أكثر، وأمّا أبو هاشم فهو يوازن بين المتقدم والمتأخر وعليه ينتفي الأقل بالأكثر وأمّا الأكثر فينتفي منه بمقدار الأقل ويبقى الزائد.