قال: ووجوبُ إيفاء الوعد والحكمةُ يقتضي وجوبَ البعث، والضرورةُ قاضيةٌ بثبوت الجسماني من دين النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، مع إمكانه.
أقول: اختلف الناس هنا، فذهب الأوائل إلى نفي المعاد الجسماني، وأطبق الملّيون عليه.
واستدل المصنف رحمه اللّه على وجوب المعاد مطلقاً بوجهين:
الأوّل: أنّ اللّه تعالى وعد بالثواب وتوعد بالعقاب مع مشاهدة الموت للمكلفين، فوجب القول بعودهم ليحصل الوفاء بوعده ووعيده.
الثاني: أنّ اللّه تعالى قد كلّف وفعل الألم وذلك يستلزم الثواب والعوض وإلاّ لكان ظالماً، تعالى اللّه عن ذلك علواً كبيراً، فإنّا قد بيّنا حكمته تعالى، ولا ريب في أنّ الثواب والعوض إنّما يصلان إلى المكلف في الآخرة لانتفائهما في الدنيا.
واستدل على ثبوت المعاد الجسماني بأنّه معلوم بالضرورة من دين محمّد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، والقرآن دلّ عليه في آيات كثيرة بالنص، مع أنّه ممكن فيجب المصير إليه، وإنما قلنا بأنّه ممكن لأنّ المراد من الإعادة جمع الأجزاء المتفرقة وذلك جائز بالضرورة.
قال: ولا تجب إعادةُ فواضل المكلّف.
أقول: اختلف الناس في المكلف ما هو على مذاهب عرفت:
منها: قول من يعتقد أن المكلف هو النفس المجردة، وهو مذهب