اتّفقوا على أنّ المؤمن الذي عمل عملاً صالحاً يدخل الجنّة ويكون خالداً فيها، وعلى أنّ الكافر يدخل جهنّم ويكون خالداً فيها. وأمّا الذي خلط عملاً صالحاً بعمل غير صالح، فاختلفوا فيه:
فقالت التفضيليّة من أهل السنّة وغيرهم: عسى اللّه أن يعفو عنهم برحمته أو بشفاعة نبيّه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم، وإلاّ فيدخله جهنّم، ويعذّبه عذاباً منقطعاً، ثمّ يردّه إلى الجنّة ويخلّد فيها لكونه مؤمناً.
وقالت الوعيديّة من المعتزلة: إنّ صاحب الكبيرة إن لم يتب كان في النار خالداً.ثمّ اختلفوا.
[الإحباط والموازنة]
فقال أبو علي الجُبّائي بالإحباط، وهو أنّه إذا أقدم على كبيرة أحبطت الكبيرة جميع أعماله الصالحة ويكون معاقباً على ذلك الذنب أبداً. وقال ابنه أبوهاشم بالموازنة، وهو أن يوازن بأعماله الصالحة وذنوبه الكبائر ويكون الحكم للأغلب.
قيل لهم [1] : إن غلب أحدهما لم يكن له تأثير فيما غلب عليه.
[1] هذا إشكال على أبي هاشم، إذ حقيقة الموازنة هي أن يؤثّر كل من الطاعة والمعصية في الآخر وهو مستحيل، لأنّ أحدهما إذا أثر في الآخر وغلب عليه صار الآخر منتفياً ومعدوماً، فكيف يؤثّر في الغالب المؤثّر وهو معدوم؟
وأُجيب بأنّ الغالب في كلّ منهما يغاير المغلوب فيه، فالغالب هو ذات كلّ من الطاعة والمعصية، والمغلوب هو استحقاق الثواب والعقاب، فلايلزم تأثير المنفي المغلوب في المؤثّر الغالب.