وأمّا القائلون بوجوب نصب الإمام على الخلق عقلاً فقالوا: الضرر مع عدم الإمام متوقّع من الظلم على الضعفاء، ودفع الضرر المظنون واجب عقلاً. وذلك إنّما يندفع بنصب الإمام يقوم بأحكام الشرع.وهم موافقون لأهل السنّة في تعيين الأئمّة.
[مذهب أهل السنّة في الإمامة]
وأمّا أهل السنّة [1] فيقولون بوجوب نصب الإمام على من يقدر على
الأوّل: أنّ نصب الإمام يتضمن دفع الضرر عن النفس فيكون واجباً، أمّا الأوّل فلأنّا نعلم أنّ الخلق إذا كان لهم رئيس قاهر يخافون بطشه ويرجون ثوابه كان حالهم في الاحتراز عن المفاسد أتمّ ممّا إذا لم يكن لهم هذا الرئيس، وأمّا أنّ دفع الضرر عن النفس واجب فبالإجماع عند من لايقول بالوجوب العقلي، وبضرورة العقل عند من يقول به».
وناقش فيه المحقّق الطوسي بأنّ صغرى الدليل عقلي من باب الحسن والقبح، وهو ليس من مذهبهم، وكبراه أوضح عقلاً من الصغرى، ثم قال:
والأولى أن يعتمد فيه على قوله تعالى: (أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)(النساء / 59) وعلى قوله ـ عليه السّلام ـ
: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» وعلى أمثال ذلك.[1]
الثاني: أنّه تواتر إجماع المسلمين في الصدر الأوّل بعد وفاة النبيّ صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم على امتناع خلو الوقت عن خليفة وإمام، فهم وإن اختلفوا في وجود النص وعدمه، ولكنّهم اتّفقوا على وجوب طاعة إمام بعده، ولو لم يكن نصب إمام واجباً لخالفهم من الأُمة أحد في ذلك. [2]
[1] نقد المحصل: ص407. [2] نفس المصدر، ولاحظ أيضاً، شرح المواقف: 8/346.