وتضحياتهم ، لو أُتيح لأتباع هذه الفكرة ، وأنصار هذا الرجل أن ينفِّذوا كلّ مآربهم ، ومراميهم .
وبالتالي لوْ وُفِّقوا لذلك ، لَتحوّل الإسلام في رؤية الأجيال المستقبلة إلى صورة أُسطورية لا واقع لها ولا أساس، إلاّ بين الكتب والأوراق، أو في عالم الأذهان والأفكار.
3 ـ تفريغ الدين من محتواه الداخلي ، الغني ، حيث قاموا بتفسير القرآن بحرفيته ، فأثبتوا لله سبحانه الجسمانية والجهة ، والمكان ، وسائر ما تتمتع به المخلوقات من الأوصاف والحالات ، وما لها من الأعضاء والجوارح . وهذا واضح لمن طالع رسائل الرجل المذكور ، وكتاباته .
هذه أبرز النتائج التي ترتّبت على هذا المنهج الفكري الذي قدّمه ابن تيمية ، ولكنّه لم يوفّق لتأصيل وتعميم ما كان ينويه ويهدف إليه ويسعى إلى نشره وحمل الناس عليه ، وذلك لأنّه :
أوّلا : واجه مخالفة العلماء الكبار من جميع المذاهب في البلاد المنعمة بالعلم والإيمان ، والحبّ للرسول وآله في مصر والشام وغيرهما ، ولأجل ذلك بقيت فكرته بذرة في ثنايا
الكتب تنتظر أرضية مناسبة لنموّها ، وتجدّدها .
ثانياً : واجه ما كان المسلمون مفطورين عليه من حبّ للإسلام ، والرسالة المحمديّة الشريفة ، وتعلّق فطري سليم بالرسول الكريم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وآثاره ، وما كان مركوزاً في أذهانهم منذ قرون من مشروعية لمظاهر التكريم والتبجيل للأنبياء والأولياء والصالحين .
وكانت الظروف على هذه الحال ، ولم تكن مناسبة لنموّ وتوسع هذه البذرة إلى أن انتقلت إلى أراض قاحلة من العلم والمعرفة من بقاع نجد ، فسقيت البذرة على يد محمّد بن عبد الوهاب النجدي (1115 ـ 1206هـ ) فأخذت البذرة تنمو بين قوم أُمّيين لا يعرفون المعارف الصحيحة ، بل تغلب عليهم البداوة والجاهلية ، وقد