3 ـ أُبيد المسلمون في أوطانهم بإسبانيا والأندلس ، أو رحّلوا من عام 609هـ إلى عام 898 هـ .
ففي هذه الظروف المأساوية المتّسمة بالقتل والتنكيل والتشريد ، والهدم ، والمقرونة بإحراق المكتبات وتدمير الثقافة الإسلامية ، نرى أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية يطرح مسائل باسم التوحيد والشرك ويُقسِّم المسلمين إلى قسمين : موحّد ومشرك .
فالأوّل هو مَن يتّبع خطواته وأفكاره ، والثاني هم المخالفون; وهم الأكثرية الساحقة من المسلمين .
فهل طرحت هذه المسائل المفرّقة لصفوف المسلمين بدوافع إيمانية ، وبحجّة الدفاع عن حوزة الدين والإيمان . أو أنهّ كان وراء الأكمة ما وراءها ، وأنّه كانت هناك وراء الكواليس أُمور أُخرى لا يعلمها إلاّ الله ، أو أنّ طارح هذه الأفكار كان إنساناً ساذجاً ومغفّلا غير واقف على
مصالح الإسلام والمسلمين ولا عارف بما يصلحهم في ذلك الظرف العصيب وما يفسدهم . وبكلمة قصيرة : ما كان يعرف الداء ولا الدواء .
ونحن لا نقضي بشيء عليه فالتاريخ خير قاض ، والعلم عند الله تبارك وتعالى . وعلى أيّ نحو فسّر موقفُ الشخص المذكور ، فقد أنتج هذا الموقف ثلاث نتائج سيئة ، لم تزل آثارها الخطيرة باقيّة إلى الآن :
1 ـ الحطّ من شأن الأنبياء والأولياء والصالحين والشهداء والصدّيقين ، وإنزالهم عن مقاماتهم المعنوية العالية الّتي أعطاهم الله إيّاها بجهادهم ، وإخلاصهم ، ووفائهم للعقيدة ودفاعهم عن الشريعة .
2 ـ تعريض الآثار الإسلامية للمحو والإبادة والطمس والهدم ، على حدّ لا يبقى من آثار النبيّ والمسلمين الأوائل شيء يدلّ على وجودهم ، وعلى تفانيهم