فأُدخلوا ناراً )[1] ، والفاء للتعقيب ، وكقوله تعالى : ( ربَّنا أمَتّنَا اثنَتينِ وأحيَيتَنا اثنتَين )[2] ، وإحدى الحياتين ليست إلاّ في القبر ، ولا يكون إلاّ نموذج ثواب أو عقاب بالاتفاق ، وكقوله تعالى : ( ولا تَحسبنَّ الَّذين قُتلوا في سَبيلِ اللهِ أمواتاً بلْ أحياءٌ عندَ ربِّهمْ يُرزَقونَ فَرحينَ بِما آتاهُمْ اللهُ )[3].
والأحاديث المتواترة المعنى كقوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : «القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران» وكما روي أنّه مرّ بقبرين ، فقال : «إنّهما ليعذّبان . .»[4] ، وكالحديث المعروف في الملكين الّلذين يدخلان القبر ومعهما مرزبتان ، فيسألان الميت عن رَّبه وعن دينه وعن نبيّه . . إلى غير ذلك من الأخبار والآثار المسطورة في الكتب المشهورة ، وقد تواتر عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ استعاذته من عذاب القبر ، واستفاض ذلك في
الأدعية المأثورة[5] .
10 ـ الشريف الجرجاني :
قال : إحياء الموتى في قبورهم ، مسألة منكر ونكير ، وعذاب القبر للكافر والفاسق كلّها حقّ عندنا ، اتّفق عليه سلف الأُمّة قبل ظهور الخلاف ، واتّفق عليه (الأكثر بعده) أي بعد ظهور الخلاف ، (وأنكره) مطلقاً «ضرار بن عمرو وبشر المريسي وأكثر المتأخرين من المعتزلة» ، وأنكر الجبّائي وابنه والبلخي تسمية الملكين منكراً ونكيراً وقالوا : إنّما المنكر ما يصدر من الكافر عند تلجلجه إذا سئل ، والنكير إنما هو تفريع الملكين له .
[1] نوح : 25 . [2] غافر : 11 . [3] آل عمران : 169 . [4] أخرجه الإمام البخاري في كتاب الوضوء : ص55 ـ 56 وكتاب الجنائز : ص89 . [5] شرح المقاصد 5 : 112 ، 114 .