فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى دُومَةَ الْجَنْدَلِ فَدَخَلَ عَلَى أَبِي مُوسَى كَأَنَّهُ زَائِرٌ لَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى مَا تَقُولُ فِيمَنِ اعْتَزَلَ هَذَا الْأَمْرَ وَ كَرِهَ الدِّمَاءَ؟ قَالَ: أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ خَفَّتْ ظُهُورُهُمْ مِنْ دِمَائِهِمْ وَ خَمُصَتْ بُطُونُهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. ثُمَّ أَتَى عَمْراً فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِيمَنِ اعْتَزَلَ هَذَا الْأَمْرَ وَ كَرِهَ هَذِهِ الدِّمَاءَ؟ قَالَ أُولَئِكَ شِرَارُ النَّاسِ لَمْ يَعْرِفُوا حَقّاً وَ لَمْ يُنْكِرُوا بَاطِلًا فَرَجَعَ الْمُغِيرَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ: قَدْ ذُقْتُ الرَّجُلَيْنِ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ فَخَالِعٌ صَاحِبَهُ وَ جَاعِلُهَا لِرَجُلٍ لَمْ يَشْهَدْ هَذَا الْأَمْرَ وَ هَوَاهُ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ أَمَّا عَمْرٌو فَهُوَ صَاحِبُكَ الَّذِي تَعْرِفُ وَ قَدْ ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ يَرُومُهَا لِنَفْسِهِ وَ أَنَّهُ لَا يَرَى أَنَّكَ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْهُ.
------ آخر الجزء الثالث عشر من أجزاء شيخنا عبد الوهاب.
------
[شهود الحكمين]
نَصْرٌ فِي حَدِيثِ عَمْرٍو قَالَ:: أَقْبَلَ أَبُو مُوسَى إِلَى عَمْرٍو فَقَالَ: يَا عَمْرُو هَلْ لَكَ فِي أَمْرٍ هُوَ لِلْأُمَّةِ صَلَاحٌ وَ لِصُلَحَاءِ النَّاسِ رِضًا؟ نُوَلِّي هَذَا الْأَمْرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْفِتْنَةِ وَ لَا هَذِهِ الْفُرْقَةِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَرِيبَانِ يَسْمَعَانِ هَذَا الْكَلَامَ فَقَالَ عَمْرٌو: فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ مُعَاوِيَةَ فَأَبَى عَلَيْهِ أَبُو مُوسَى.
قَالَ وَ شَهِدَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ