تَرَكْتُ أَخَا بَكْرٍ يَنُوءُ بِصَدْرِهِ
بِصِفِّينَ مَخْضُوبَ[1] الْجُيُوبِ مِنَ الدَّمِ
وَ ذَكَّرَنِي ثَأْرِي غَدَاةَ رَأَيْتُهُ
فَأَوْجَرْتُهُ رُمْحِي فَخَرَّ عَلَى الْفَمِ
لَقَدْ غَادَرَتْ أَرْمَاحُ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ
قَتِيلًا عَنِ الْأَهْوَالِ لَيْسَ بِمُحْجِمِ
قَتِيلًا يَظَلُّ الْحَيُّ يُثْنُونَ بَعْدَهُ
عَلَيْهِ بِأَيْدٍ مِنْ نَدَاهُ وَ أَنْعُمِ
لَقَدْ فُجِعَتْ طَيٌّ بِحِلْمٍ وَ نَائِلٍ
وَ صَاحِبِ غَارَاتٍ وَ نَهْبٍ مُقَسَّمٍ
لَقَدْ كَانَ خَالِي لَيْسَ خَالٌ كَمِثْلِهِ
دِفَاعاً لِضَيْمٍ وَ احْتِمَالًا لِمَغْرَمٍ[2].
قَالَ: وَ لَمَّا لَحِقَ زَيْدُ بْنُ عَدِيٍّ بِمُعَاوِيَةَ تَكَلَّمَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَ طَعَنُوا فِي أَمْرِهِ وَ كَانَ عَدِيٌّ سَيِّدَ النَّاسِ مَعَ عَلِيٍّ فِي نَصِيحَتِهِ وَ غَنَائِهِ فَقَامَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ مَا عَصَمَ اللَّهُ رَسُولَهُ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَ الْوَسَاوِسِ وَ أَمَانِيِّ الشَّيْطَانِ بِالْوَحْيِ وَ لَيْسَ هَذَا لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَدْ أَنْزَلَ فِي عَائِشَةَ وَ أَهْلِ الْإِفْكِ وَ النَّبِيُّ ص خَيْرٌ مِنْكَ وَ عَائِشَةُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مِنِّي وَ قَدْ قَرَّبَنِي زَيْدٌ لِلظَّنِّ وَ عَرَّضَنِي لِلتُّهَمَةِ.
غَيْرَ أَنِّي إِذَا ذَكَرْتُ مَكَانَكَ مِنَ اللَّهِ وَ مَكَانِي مِنْكَ ارْتَفَعَ حَنَانِي[3] وَ طَالَ نَفْسِي وَ وَ اللَّهِ أَنْ لَوْ وَجَدْتُ زَيْداً لَقَتَلْتُهُ وَ لَوْ هَلَكَ مَا حَزِنْتُ عَلَيْهِ فَأَثْنَى عَلَيْهِ عَلِيٌّ خَيْراً وَ قَالَ عَدِيٌّ فِي ذَلِكَ:
يَا زَيْدُ قَدْ عَصَّبْتَنِي بِعِصَابَةٍ
وَ مَا كُنْتُ لِلثَّوْبِ الْمُدَنَّسِ لَابِساً
فَلَيْتَكَ لَمْ تُخْلَقْ وَ كُنْتَ كَمَنْ مَضَى
وَ لَيْتَكَ إِذْ لَمْ تَمْضِ لَمْ تَرَ حَابِساً
أَلَا زَادَ أَعْدَاءً وَ عَقَّ ابْنُ حَاتِمٍ
أَبَاهُ وَ أَمْسَى بِالْفَرِيقَيْنِ نَاكِساً
وَ حَامَتْ عَلَيْهِ مَذْحِجٌ دُونَ مَذْحِجٍ
وَ أَصْبَحْتَ لِلْأَعْدَاءِ سَاقاً مُمَارِساً
[1] ح (1: 195): «مخضوب الجبين».
[2] المغرم: ما يلزم أداؤه من حمالة و غيرها. و في الأصل: «لمعدم» صوابه في ح.
[3] أراد ذهب حنانى. و في الأصل: «أرانسع حنانى».