تَرَكَا الْبَيَانَ وَ فِي الْعِيَانِ كِفَايَةٌ
لَوْ كَانَ يَنْفَعُ صَاحِبَيْهِ عِيَانٌ.
.
[العكبر و قيس بن سعد و معاوية بن خديج]
قَالَ نَصْرٌ: وَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ::[1] كَانَ فَارِسُ أَهْلِ الْكُوفَةِ الَّذِي لَا يُنَازَعُ رَجُلٌ كَانَ يُقَالُ لَهُ الْعَكْبَرُ بْنُ جَدِيرٍ الْأَسَدِيُّ وَ كَانَ فَارِسَ أَهْلِ الشَّامِ الَّذِي لَا يُنَازَعُ عَوْفُ بْنُ مَجْزَأَةَ الْكُوفِيُّ الْمُرَادِيُّ الْمَكْنِىُّ أَبَا أَحْمَرَ وَ هُوَ أَبُو الَّذِي اسْتَنْقَذَ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ- يَوْمَ صُرِعَ فِي الْمَسْجِدِ بِمَكَّةَ وَ كَانَ الْعَكْبَرُ لَهُ عِبَادَةٌ وَ لِسَانٌ لَا يُطَاقُ فَقَامَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ فِي أَيْدِينَا عَهْداً مِنْ اللَّهِ لَا نَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى النَّاسِ وَ قَدْ ظَنَنَّا بِأَهْلِ الشَّامِ الصَّبْرَ وَ ظَنُّوهُ بِنَا فَصَبَرْنَا وَ صَبَرُوا وَ قَدْ عَجِبْتُ مِنْ صَبْرِ أَهْلِ الدُّنْيَا لِأَهْلِ الْآخِرَةِ وَ صَبْرِ أَهْلِ الْحَقِّ عَلَى أَهْلِ الْبَاطِلِ وَ رَغْبَةِ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا أَعْجَبُ مَا يُعْجِبُنِي جَهْلِي بِآيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ- الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ عَلِيٌّ خَيْراً وَ قَالَ خَيْراً.
وَ خَرَجَ النَّاسُ إِلَى مَصَافِّهِمْ وَ خَرَجَ عَوْفُ بْنُ مَجْزَاةَ الْمُرَادِيُّ نَادِراً مِنَ النَّاسِ وَ كَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ وَ قَدْ كَانَ قَتَلَ قَبْلَ ذَلِكَ نَفَراً مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مُبَارَزَةً فَنَادَى: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ هَلْ مِنْ رَجُلٍ عَصَاهُ سَيْفُهُ يُبَارِزُنِي وَ لَا أَغُرُّكُمْ مِنْ نَفْسِي فَأَنَا فَارِسُ زَوْفٍ[2] فَصَاحَ النَّاسُ بِالْعَكْبَرِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ مُنْقَطِعاً مِنْ أَصْحَابِهِ وَ النَّاسُ وُقُوفٌ وَ وَقَفَ الْمُرَادِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:
بِالشَّامِ أَمْنٌ لَيْسَ فِيهِ خَوْفْ
بِالشَّامِ عَدْلٌ لَيْسَ فِيهِ حَيْفْ
[1] قبل هذا الأصل: «و ذكروا أنه»، وضعت مكان السند المتقدم.
[2] زوف، بفتح الزاى: أبو قبيلة، و هو زوف بن زاهر- أو أزهر- بن عامر بن عويثان، انظر القاموس (زوف). و في الأصل: «دوف» تحريف.