أَحَدَّ مِنْ وَقْعِ الْأَشَافِي[1] فَإِنَّكَ لَا تَزَالُ تُكْثِرُ فِي هَوَسِكَ وَ تَخْبِطُ فِي دَهَشِكَ وَ تَنْشِبُ فِي مَرَسِكَ تَخَبُّطَ الْعَشْوَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الْحِنْدِسِ الظَّلْمَاءِ قَالَ فَأَعْجَبَ مُعَاوِيَةَ مَا سَمِعَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ هَاشِمٍ فَأَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ وَ كَفَّ عَنْ قَتْلِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَمْرٌو بِأَبْيَاتٍ يَقُولُهَا لَهُ-
أَمَرْتُكَ أَمْراً حَازِماً فَعَصَيْتَنِي
وَ كَانَ مِنَ التَّوْفِيقِ قَتْلُ ابْنِ هَاشِمٍ
وَ كَانَ أَبُوهُ يَا مُعَاوِيَةُ الَّذِي
رَمَاكَ عَلَى جِدٍّ بِحَزِّ الْغَلَاصِمِ
فَمَا بَرِحُوا حَتَّى جَرَتْ مِنْ دِمَائِنَا
بِصِفِّينَ أَمْثَالُ الْبُحُورِ الْخَضَارِمِ
وَ هَذَا ابْنُهُ وَ الْمَرْءُ يُشْبِهُ أَصْلَهُ
سَتَقْرَعُ إِنْ أَبْقَيْتَهُ سِنَّ نَادِمِ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ هَاشِمٍ وَ هُوَ فِي مَحْبِسِهِ فَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ
مُعَاوِيَّ إِنَّ الْمَرْءَ عَمْراً أَبَتْ لَهُ
ضَغِينَةُ صَدْرٍ وُدُّهَا غَيْرُ سَالِمِ[2]
يَرَى لَكَ قَتْلِي يَا ابْنَ حَرْبٍ وَ إِنَّمَا
يَرَى مَا يَرَى عَمْرٌو مُلُوكُ الْأَعَاجِمِ
عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَقْتُلُونَ أَسِيرَهُمْ
إِذَا كَانَ مِنْهُمْ مَنْعَةٌ لِلْمُسَالِمِ
وَ قَدْ كَانَ مِنَّا يَوْمَ صِفِّينَ نَفْرَةٌ
عَلَيْكَ جَنَاهَا هَاشِمٌ وَ ابْنُ هَاشِمِ
قَضَى اللَّهُ فِيهَا مَا قَضَى ثَمَّتَ انْقَضَى
وَ مَا مَا مَضَى إِلَّا كَأَضْغَاثِ حَالِمِ
هِيَ الْوَقْعَةُ الْعُظْمَى الَّتِي تَعْرِفُونَهَا
وَ كُلٌّ عَلَى مَا قَدْ مَضَى غَيْرُ نَادِمِ
فَإِنْ تَعْفُ عَنِّي تَعْفُ عَنْ ذِي قَرَابَةٍ
وَ إِنْ تَرَ قَتْلِي تَسْتَحِلَّ مَحَارِمِي.
.
[1] الأشافى: جمع إشفى، و هي مخصف الإسكاف. و في الأصل:« الأثافى» بالثاء، صوابه في ح( 2: 276).
[2] في الأصل:« غشها غير سالم» و أثبت ما في ح.