يَنْعَى ابْنَ عَفَّانٍ وَ يَلْحَى مَنْ غَدَرْ
سِيَّانِ عِنْدِي مَنْ سَعَى وَ مَنْ أَمَرْ.
فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ فَطَعَنَهُ هَاشِمٌ فَقَتَلَهُ وَ كَثُرَتِ الْقَتْلَى وَ حَمَلَ ذُو الْكَلَاعِ فَاجْتَلَدَ النَّاسُ فَقُتِلَا جَمِيعاً[1] وَ أَخَذَ ابْنُ هَاشِمٍ اللِّوَاءَ وَ هُوَ يَقُولُ
أَ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَالِكٍ
أَعْزِزْ بِشَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ هَالِكٌ
تَخْبِطُهُ الْخَيْلَاتُ بِالسَّنَابِكِ
فِي أَسْوَدٍ مِنْ نَقْعِهِنَّ حَالِكْ
أَبْشِرْ بِحُورِ الْعِينِ فِي الْأَرَائِكْ
وَ الرَّوْحِ وَ الرَّيْحَانِ عِنْدَ ذَلِكْ.
.
[عبد الله بن هاشم في مجلس معاوية]
نَصْرٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ قَالَ:: لَمَّا انْقَضَى أَمْرُ صِفِّينَ وَ سَلَّمَ الْأَمْرَ الْحَسَنُ ع إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ وَفَدَتْ عَلَيْهِ الْوُفُودُ أُشْخِصَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ إِلَيْهِ أَسِيراً فَلَمَّا أُدْخِلَ عَلَيْهِ مَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ عِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا الْمُخْتَالُ[2] ابْنُ الْمِرْقَالِ فَدُونَكَ الضَّبَّ الْمُضِبَ[3] الْمُغْتَرَّ[4] الْمَفْتُونَ فَإِنَّ الْعَصَا مِنَ الْعُصَيَّةِ وَ إِنَّمَا تَلِدُ الْحَيَّةُ حَيَّةً وَ جَزَاءُ السَّيِّئَةِ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَقَالَ لَهُ ابْنُ هَاشِمٍ: مَا أَنَا بِأَوَّلِ رَجُلٍ خَذَلَهُ قَوْمُهُ وَ أَدْرَكَهُ يَوْمُهُ[5] فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: تِلْكَ ضَغَائِنُ صِفِّينَ وَ مَا جَنَى عَلَيْكَ أَبُوكَ فَقَالَ عَمْرٌو: أَمْكِنِّي مِنْهُ فَأُشْخِبَ أَوْدَاجَهُ عَلَى أَثْبَاجِهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ هَاشِمٍ: فَهَلَّا كَانَتْ هَذِهِ الشَّجَاعَةُ مِنْكَ يَا ابْنَ الْعَاصِ أَيَّامَ صِفِّينَ حِينَ نَدْعُوكَ إِلَى النِّزَالِ وَ قَدِ ابْتَلَّتْ أَقْدَامُ الرِّجَالِ مِنْ نَقِيعِ الْجِرْيَالِ وَ قَدْ تَضَايَقَتْ بِكَ الْمَسَالِكُ وَ أَشْرَفْتَ فِيهَا عَلَى الْمَهَالِكِ وَ ايْمُ اللَّهِ لَوْ لَا مَكَانُكَ مِنْهُ لَنَشِبَتْ لَكَ مِنِّي خَافِيَةٌ أَرْمِيكَ مِنْ خِلَالِهَا
[1] ح:« فقتل هاشم و ذو الكلاع جميعا».
[2] المختال: المتكبر المعجب بنفسه. و في الأصل:« المحتال»، صوابه في ح( 2: 276).
[3] المضب: الذي يلزم الشيء لا يفارقه، و أصل الضب اللصوق بالأرض.
[4] في الأصل:« المعن» صوابه في ح.
[5] ح:« و أسلمه يومه».