وإنما اختير
النصب فيها مع جواز الرفع ، لأن النفي في الحقيقة لمضمون الفعل ، فايلاؤه لفظا أو
تقديرا لما ينفي مضمونه أولى ، وليس «لم» و «لمّا» و «لن» من هذه الجملة [٢] ، إذ هي عاملة في المضارع ، ولا يقدر معمولها لضعفها في
العمل ، فلا يقال : لم زيدا تضربه ، ولا : لن بكرا تقتله ، كما يقال : إن زيدا
تضربه أو ضربته ؛ لقوة «إن» بجزمها للفعلين ، وأما ليس ، فيمن قال إنه حرف ، فليس
أيضا من هذا الباب ، لأن ما بعده واجب الرفع بكونه اسمه والجملة بعده خبره ، نحو :
ليس زيد ضربته ، وبعض من قال بحرفيتها جوّز إلغاءها عن العمل ، الغاء «ما» [٣] ، استدلالا بقولهم : ليس الطيب إلا المسك كما يجيء في
باب «ما» ، ويحمل عليه قولهم : ليس خلق الله مثله ، أي ما خلق الله ... فيجيز :
ليس زيدا ضربته ، على إلغاء «ليس».
والوجه أن ليس
خلق الله .. من باب توجيه الفعلين إلى مرفوع واحد ، وخلق ، خبر ليس ، ويجوز أن
يكون اسم ليس ، فيه [٤] وفي قولك : ليس زيدا ضربته : ضمير الشأن ، والمفسّر
جملة فعلية ، كما في قوله تعالى : (فَإِنَّها لا تَعْمَى
الْأَبْصارُ)[٥].
قوله : «وحرف
الاستفهام» ؛ علة أولويته بالفعل كعلّة أولوية حرف النفي به ؛ قال سيبويه : ليس
جواز الرفع في الهمزة كجوازه في نحو : قام زيد وعمرو كلمته ، يعني أن
[١] روي بالوجهين :
الرفع والنصب. وهو من شعر جرير يهجو الفرزدق وفي هذه القصيدة يقول جرير :