نام کتاب : السيرة النبوية - ط مكتبة محمد علي صبيح وأولاده نویسنده : ابن هشام الحميري جلد : 1 صفحه : 19
فضل واستقامة ، من أهل دينهم ، لهم رأس يقال له عبد الله بن الثامر ، وكان موقع أصل ذلك الدين بنجران ، وهي بأوسط أرض العرب في ذلك الزمان ، وأهلها وسائر العرب كلها أهل أوثان يعبدونها ، وذلك أن رجلا من بقايا أهل ذلك الدين - يقال له فيميون - وقع بين أظهرهم ، فحملهم عليه ، فدانوا به . ابتداء وقوع النصرانية بنجران قال ابن إسحاق : حدثني المغيرة بن أبي لبيد مولى الأخنس عن وهب بن منبه اليماني أنه حدثهم : أن موقع ذلك الدين بنجران كان أن رجلا من بقايا أهل دين عيسى بن مريم عليه السلام يقال له فيميون ، وكان رجلا صالحا مجتهدا زاهدا في الدنيا ، مجاب الدعوة ، وكان سائحا ينزل بين القرى ، لا يعرف بقرية إلا خرج منها إلى قرية لا يعرف بها ، وكان لا يأكل إلا من كسب يديه ، وكان بناء يعمل الطين ، وكان يعظم الاحد ، فإذا كان يوم الاحد لم يعمل فيه شيئا ، وخرج إلا فلاة من الأرض يصلى بها حتى يمسي ، قال : وكان في قرية من قرى الشام يعمل عمله ذلك مستخفيا ، ففطن لشأنه رجل من أهلها يقال له صالح ، فأحبه حبا لم يحبه شيئا كان قبله ، فكان يتبعه حيث ذهب ، ولا يفطن له فيميون ، حتى خرج مرة في يوم الاحد إلى فلاة من الأرض ، كما كان يصنع ، وقد أتبعه صالح وفيميون لا يدرى ، فجلس صالح منه منظر العين مستخفيا منه ، لا يحب أن يعلم بمكانه ، وقام فيميون يصلى ، فبينما هو يصلى إذ أقبل نحوه التنين - الحية ذات الرؤوس السبعة - فلما رآها فيميون دعا عليها فماتت ، ورآها صالح ولم يدر ما أصابها ، فخافها عليه ، فعيل عوله [1] ، فصرخ : يا فيميون ، التنين قد أقبل نحوك ، فلم يلتفت إليه ، وأقبل على صلاته حتى فرغ منها ، وأمسى فانصرف ، وعرف أنه قد عرف ، وعرف صالح أنه .
[1] في نسخة عند ا " فعول عولة " وعول : بتشديد الواو ، يريد صاح صيحة
نام کتاب : السيرة النبوية - ط مكتبة محمد علي صبيح وأولاده نویسنده : ابن هشام الحميري جلد : 1 صفحه : 19