فوجدناه جلّ ذكره، قد
بيّن أنّ هؤلاء قوم قد دخلوا في الإسلام، و ادّعوا الإيمان، ثمّ ضلّوا يتحاكمون
إلى الطّاغوت و قد أمروا أن يكفروا به، و لسنا ندري من الطّاغوت، غير أنّا نعلم
أنّ كلّ حاكم يحكم بخلاف حكم اللّه تعالى و حكم رسوله فهو طاغوت، و كذلك من لم يكن
ممّن قال اللّه تعالى: فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى اللّه و الرّسول و إلى أولي
الأمر منكم[2].
فمن لم يفعل ذلك و تحاكم
إلى غيرهم، فقد تحاكم إلى الطّاغوت و من تحاكم إلى الطّاغوت فقد خالف أمر اللّه، و
من خالف أمر اللّه فقد كفر.
241- و احتجّوا بعد ذلك
حيث لم يجدوا حجّة بالحديث الّذي رووا إن تولّوا أبا بكر تجدوه ضعيفا في بدنه، و
إن تولّوها عمر تجدوه قويّا في بدنه فإن كانت رواياتهم صحيحة عند بعضهم، فجلّهم قد
طعن في الحديث من جهة العقل[3] إذ لم يدع
النّبيّ (ص) أمر أبي بكر مهملا حتّى قال في صفته: ضعيفا في بدنه، لئلّا يشتبه أمره
على مضعوف فيدخل قلبه وهن، و المجاهد القويّ أفضل من المجاهد الضّعيف، لأنّ
المجاهد لا يكون إلّا بفضل القوّة.