، فكانت صلاته بهم، و
جهاده، و حكمه، و غير شيء من أعمال البرّ بكرى، و إجماع الأمّة أنّه من عمل شيئا
من أعمال البرّ بكرى كان عمله فاسدا مردودا عليه و أنّ الصّلاة خلف المستأجر
فاسدة، و جعل ذلك يقوم من بعده، و للأمّة الّتي تعمل شيئا من أعمال البرّ، فليس
أحد من الأمّة يعمل عملا من أعمال البرّ من قضاء أو حكم، أو تعليم قرآن إلّا طلب
عليه الكري، اقتداء به و بصاحبه و استنانا بسنّته، فذهبت الحسنة من النّاس بتعليم
الخير، و رأوا أخذ الكري أصلح و أجدى عليهم في دنياهم.
فمن هاهنا أخذ القضاة
الكرى على الحكم و قالت الفقهاء: أعطونا نحدّثكم، و قال المؤذّنون: أعطونا نؤذّن
لكم، و قالت القصّاص أعطونا نقصّ لكم، و قال الأئمّة: أعطونا نؤمّكم في شهر رمضان،
و قال اللّه جلّ ذكره خلاف هذا، و أخبر عن الأنبياء، و خلائف الأنبياء، أنّهم لم
يسألوا أحدا شيئا على ما أتوهم به، فقال: اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ
أَجْراً وَ هُمْ مُهْتَدُونَ[1] و لا نعلم
نبيّا من الأنبياء، و لا عالما من العلماء يريد بعلمه يسأل شيئا، لا ذهبا و لا
فضّة، فهذا ما سنّه الحبران الفاضلان؟!.