نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 237
(الثانية عشرة) ورد[1]
أن الخضر ع علم أولا أنه نبي بني إسرائيل موسى ع صاحب التوراة الذي كلمه الله عز و
جل بغير واسطة و خصه بالمعجزات و قد أتى مع هذا المنصب بهذا التواضع العظيم بأعظم
أبواب المبالغة فدل على أن هذا هو الأليق لأن من كانت إحاطته بالعلوم أكثر كان
علمه بما فيها من البهجة و السعادة أكثر فيشتد طلبه لها و يكون تعظيمه لأهل العلم
أكمل. ثم مع هذه المعرفة من الخضر ع و هذه الغاية من الأدب و التواضع من موسى ع
أجابه بجواب رفيع و كلام منيع مشتمل على العظمة و القوة و عدم الأدب مع موسى ع بل
وصفه بالعجز و عدم الصبر بقوله إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً[2].
[فوائد كثيرة من أدب
المعلم و إعزازه المستفادة من قصة الخضر مع موسى]
و قد دلت هذه الكلمة
الوجيزة أيضا على فوائد كثيرة من أدب المعلم و إعزازه للعلم و إجلاله لمقامه على
وجه يقتضي التأسي به و لا دخل له بهذا الباب لكنا نذكر جملة منه لمناسبة المقام و
له مدخل واضح في أصل الرسالة (الأولى) وصفه بعدم الصبر على تعلم العلم المقتضي
لانحطاط قدره و سقوط محله بالإضافة إلى مقام الصابرين الذين وعدهم الله تعالى
بالكرامة و بشرهم بالصلاة و الرحمة[3]. (الثانية)
نفيه عنه الاستطاعة على الصبر الموجب لقطع طمعه في السعي عليه و الاتصاف به و
تحصيل أسبابه و هو في الأغلب أمر مقدور للبشر و كان غاية ما يقتضي الحال من المعلم
توصيته بالصبر لا تعجيزه عنه.
[1]- في« تفسير الرازيّ» ج 21/ 149:« روي أنّ موسى
عليه السّلام لمّا وصل إليه قال: السلام عليك. فقال:
و عليك السلام يا نبيّ بني
إسرائيل. فقال موسى عليه السّلام: من عرّفك هذا؟ قال: الذي بعثك إليّ». و في«
تفسير مجمع البيان» ج 6/ 483:« و قيل: إنّه رآه على طنفسة خضراء، فسلّم عليه فقال:
و عليك السلام يا نبيّ بني إسرائيل. فقال له موسى: و ما أدراك من أنا و من أخبرك
أنّي نبيّ؟ قال: من دلّك عليّ».