اعلم أن العلم بمنزلة
الشجرة و العمل بمنزلة الثمرة و الغرض من الشجرة المثمرة ليس إلا ثمرتها أما
شجرتها بدون الاستعمال فلا يتعلق بها غرض أصلا فإن الانتفاع بها في أي وجه كان ضرب
من الثمرة بهذا المعنى. و إنما كان الغرض الذاتي من العلم مطلقا العمل لأن العلوم
كلها ترجع إلى أمرين علم معاملة و علم معرفة فعلم المعاملة هو معرفة الحلال و
الحرام و نظائرهما من الأحكام و معرفة أخلاق النفس المذمومة و المحمودة و كيفية
علاجها و الفرار منها و علم المعرفة كالعلم بالله تعالى و صفاته و أسمائه و ما
عداهما من العلوم إما آلات لهذه العلوم أو يراد بها عمل من الأعمال في الجملة كما
لا يخفى على من تتبعها و ظاهر أن علوم المعاملة لا تراد إلا للعمل بل لو لا الحاجة
إليه لم يكن لها قيمة. و حينئذ فنقول[2]
المحكم للعلوم الشرعية و نحوها إذا أهمل تفقد جوارحه و حفظها عن المعاصي و إلزامها
الطاعات و ترقيها من الفرائض إلى النوافل و من الواجبات إلى السنن اتكالا على
اتصافه بالعلم و إنه في نفسه هو المقصود مغرور