و وافق الإماميّة من أعلام السنّيّين في أنّ المهديّ هو ابن
الحسن العسكريّ عليهما السّلام جمع كثير كصاحب روضة الأحباب، و ابن صبّاغ مؤلّف
«الفصول المهمّة»، و سبط ابن الجوزيّ مؤلّف «تذكرة الخواصّ»، و الشيخ نور الدّين
عبد الرّحمن الجاميّ الحنفيّ في كتاب «شواهد النّبوّة»، و الحافظ محمّد بن يوسف
الكنجيّ الشّافعيّ مؤلّف «البيان في أخبار صاحب الزّمان»، و الحافظ أبي بكر أحمد
بن الحسين البيهقيّ الفقيه في «شعب الايمان» فإنّه يظهر منه على ما حكي عنه الميل
إلى موافقة الشّيعة بل اختيار قولهم، و ذلك لأنّه نقل عقيدة الشّيعة و لم ينكرها،
و كمال الدّين محمّد بن طلحة الشّافعيّ المتوفّى سنة 652، صرّح بذلك في كتابيه
«الدّرّ المنظّم» و «مطالب السؤل»، و له في مدحه عليه السّلام أبيات، و القاضي فضل
بن روزبهان شارح الشّمائل للتّرمذيّ، و مؤلّف «إبطال نهج الباطل» و ابن الخشّاب، و
الشيخ محيي الدّين[1]، و الشعرانيّ
و الخواجة محمّد پارسا، و ملك العلماء القاضي
[1]. أقول و أنا مصحّح الكتاب: يعجبنى أن أنقل
هاهنا ملخص ما ذكره ابن العربى المغربى في الفتوحات على ما نقله الشعرانى في اليواقيت
و الجواهر في موضوع الصاحب عليه السّلام ليكون القارئ على بصيرة من الامر:
قال الشيخ الأكبر محي الدين
العربي المتوفّى 638 في الباب السادس و الستّين و ثلاثمائة-- من كتابه المعروف
بالفتوحات:« و اعلموا أنّه لا بدّ من خروج المهدى عليه السلام، لكن لا يخرج حتّى
تمتلئ الأرض جورا و ظلما، فيملؤها قسطا و عدلا، و لو لم يكن من الدنيا الا يوم
واحد يطول اللّه تعالى ذلك اليوم حتّى يلي ذلك الخليفة، و هو من عترة رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله من فاطمة- رضى اللّه عنها-، جده الحسين بن عليّ بن أبي
طالب، و والده حسن العسكريّ ابن الامام على النقى- بالنون- ابن محمّد التقى-
بالتاء- ابن الامام على الرضا، ابن الإمام موسى الكاظم، ابن الإمام جعفر الصادق،
ابن الإمام محمّد الباقر، ابن الامام زين العابدين على، ابن الإمام الحسين، ابن
الإمام عليّ بن أبي طالب- رضى اللّه عنهم-، يواطئ اسمه اسم رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله يبايعه المسلمون بين الركن و المقام، يشبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه
و آله في الخلق- بفتح الخاء- و ينزل عنه في الخلق- بضمها- اذ لا يكون أحد مثل رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله في أخلاقه، و اللّه تعالى يقول:« وَ إِنَّكَ
لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ»، هو أجلى الجبهة، أقنى الانف، أسعد الناس به أهل
الكوفة، يقسم بالسوية، و يعدل في الرعية، يأتيه الرجل فيقول: يا مهديّ أعطنى- و
بين يديه المال- فيحثو له في ثوبه ما استطاع أن يحمله، يخرج على فترة من الدين يزع
اللّه به ما لا يزع بالقرآن، يمسى الرجل جاهلا و جبانا و بخيلا، فيصبح عالما شجاعا
كريما يمشى النصر بين يديه، يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا، يقفو اثر رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله لا يخطئ، له ملك يسدده من حيث لا يراه، يحمل الكل( كذا)، و يعين
الضعيف، و يساعد على نوائب الحق- الى أن قال-: يبيد الظلم و أهله، و يقيم الدين، و
ينفخ الروح في الإسلام، يعز اللّه به الإسلام بعد ذله، و يحييه بعد موته، يضع
الجزية، و يدعو إلى اللّه بالسيف، فمن أبى قتل، و من نازعه خذل، يظهر من الدين ما
هو عليه الدين في نفسه حتّى لو كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيا-- لحكم
به، فلا يبقى في زمانه الا الدين الخالص عن الرأى، يخالف في غالب أحكامه مذاهب
العلماء، فينقبضون منه لذلك لظنهم أن اللّه تعالى ما بقى يحدث بعد ائمتهم مجتهدا-
و أطال في ذكر وقائعه معهم، ثمّ قال-: و اعلم أن المهدى إذا خرج يفرح به جميع
المسلمين خاصتهم و عامتهم و له رجال الهيون، يقيمون دعوته و ينصرونه، هم الوزراء
له، يتحملون أثقال المملكة و يعينونه على ما قلده اللّه تعالى، ينزل عليه عيسى بن
مريم( ع) بالمنارة البيضاء شرقيّ دمشق متكئا على ملكين، ملك عن يمينه و ملك عن
يساره، و الناس في صلاة العصر فيتنحى له الامام عن مكانه فيتقدم فيصلى بالناس،
يأمر الناس بسنة محمد( ص)، يكسر الصليب و يقتل الخنزير، و يقبض اللّه المهدى إليه
طاهرا مطهرا، و في زمانه يقتل السفيانى عند شجرة بغوطة دمشق و يخسف بجيشه في
البيداء، فمن كان مجبورا من ذلك الجيش مكرها يحشر على نيته، و قد جاءكم زمانه و
أظلكم أوانه، و قد ظهر القرن الرابع اللاحق بالقرون الثلاثة الماضية قرن رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو قرن الصحابة، ثمّ قرن الذي يليه، ثمّ الذي يلي
الثاني، ثمّ جاء بينهما فترات و حدثت امور، و انتشرت أهواء و سفكت دماء، فاختفى
الى أن يجىء الوقت الموعود- و أطال الشيخ الكلام نحو اثنتى عشرة ورقات الى أن
قال:- و اعلم أن ظهور المهدى عليه السّلام من أشراط الساعة كذلك خروج الدجال،
فيخرج من خراسان من أرض الشرق موضع الفتن، يتبعه الاتراك و اليهود، و يخرج إليه من
اصبهان وحدها سبعون ألفا مطيلسين، و هو رجل كهل أعور العين اليمنى كأنّ عينه عنبة
طافية مكتوب بين عينيه كاف فارا- الى آخر ما قال-». راجع الجواهر و اليواقيت ج 2 ص
142 لعبد الوهاب الشعرانى الفقيه الشافعى المتوفى بالقاهرة سنة 973.