الاذن مطلقا حق، لكن كما لا يستلزم سقوطه مطلقا لا يستلزم ثبوته في الجملة، فمن أين يستفاد اشتراط الفقيه في محل النزاع؟
قلنا: قد علم أنه أسلف في أول كلامه أن اشتراط وجوب الجمعة بالإمام أو نائبه إجماعي فيلزم منه اشتراط الفقيه في الغيبة، لما ثبت من كونه نائبا.
فإن قيل: فما الذي يكون حاصل التعليل الثاني حينئذ؟
قلنا: حاصله أن اذن الامام الذي ادعى المانع كونه شرطا للجمعة انما نقول بشرطيته حال الإمكان لا مطلقا إذ لا دليل يدل على الإطلاق، فإذا تعذر سقط و بقي وجوب الاذن في الجملة مستفادا من الإجماع.
فإن قيل: فما الفرق بين التعليلين حينئذ؟
قلنا: الفرق بينهما أن التعليل الأول فيه اعتراف باشتراط اذن الامام مطلقا على كل حال، و في حال الغيبة يكتفى عنه بما يقوم يقوم مقامه، و هو الاذن في الجملة.
و التعليل الثاني حاصله نفي اشتراط اذن الامام مع عدم الإمكان، و اشتراط الفقيه ان لم يكن لازما عن هذا لكنه يثبت بمقتضى الإجماع السابق.
و كيف قدر فلا يلزم أن يكون ما في الذكرى خلافا لما عليه الأصحاب لأمرين:
أحدهما: انه قد اضطرب رأيه في الفتوى، حيث انه عند حكاية قول المانعين قال: و هذا القول متجه .. الى آخره [1]، و ظاهره رجحان هذا القول الثاني.
الثاني: ان عبارة الدروس [2] على خلاف ذلك و هي بعد الذكرى، و سمعنا كثيرا من بعض أشياخنا رحمهم اللّه: انه (رحمه اللّه) كان يقول: خذوا عني ما في الدروس، فلا مجال لمتعنت أن يجعل ذلك قولا يخالف ما عليه الأصحاب.
و بما ذكرناه من البيان اتضح بطلان الوهم الثاني أيضا.