وأمّا إذا كان
ميّتا ، فنزيد على جميع ما ذكرنا ، أنّ الاستناد إلى قوله مع كونه ميّتا يتضمّن
دورا محالا واضحا.
فإن قلت : ما
ذكره المصنّف لعلّه بالنسبة إلى العامّي الجاهل الغافل الغير المطّلع بأقوال العلماء.
قلت : اشتهر من
العلماء ما ذكرناه اشتهار الشمس ، فاطّلاع العامّي على فتوى المجتهد الميّت مع عدم
اطّلاعه على ما ذكرنا ممّا لا يكاد يتحقّق.
سلّمنا ، لكن
هذا ظنّ خطأ ، من جهة عدم اطّلاعه بحقيقة الحال ، فلو كان مثل هذا حجّة للعاميّ
لكان الظنّ الحاصل له بخلاف فتوى الفقهاء ـ بل بضدّها ونقيضها ـ من جهة جهله
وغفلته وخطئه يكون حجّة له ، يجب عليه العمل به [١].
وبعد تجويز هذا
وفتح هذا الباب ، لا وجه لذكر المجتهد ، ولا لاعتبار قوله حيّا كان أو ميّتا ، بل
يكون المدار على أيّ ظنّ وخيال حصل للعاميّ من أيّ جهة من الجهات ، وإن كان من محض
هوى النفس ، أو تقليد المخالف أو الكافر ، أو الرمل والأسطرلاب ، أو غير ذلك ، وفيه
ما فيه.
وأيضا ، الظنّ
للمجتهد إنّما هو ما دام [ في ] الحياة ، وإلّا فبعد الموت لا ظنّ ، والظنّ في وقت
لا يكفي لحين زواله [٢] ، ولذا لو ظنّ سابقا وانعدم ظنّه في وقت لا حق ، ويحصل
له التردّد والتوقّف لا يجوز له العمل بظنّه السابق ، ولا لمقلّده بعد اطّلاعه على
توقّفه. نعم ، قبل الاطّلاع يكفي ، لما سيجيء.
والحاصل ، أنّ
الحجّة إنّما هو حكم الشارع لا حكم المجتهد ، وحكم المجتهد لو كان حجّة ومحسوبا
مكان حكم الشارع ، إنّما يكون لظنّه أنّ حكمه حكم
[١] في ألف ، ج : (
يجب العمل عليه به ) ، وفي ب ، د : ( يجب العمل به ) ، والظاهر أنّ الأنسب ما
أثبتناه.