بلاد الإسلام و المسلمين، تخرّج علي يديه جماعة من العباد الزهاد، قال عنه (أبو نعيم) في مقدمته لحلية الأولياء.
«فقد كان جدي محمد بن يوسف البناء ; أحد من نشر اللّه عز و جلّ به ذكر بعض المنقطعين إليه، و عمر به أحوال كثير من المقبلين عليه».
ترجم له ابن الجوزي في كتابه «صفة الصفوة» و عدّه من المصطفين من أهل أصبهان.
مولده:
في يوم مشرق من أيام رجب عام ست و ثلاثين و ثلاثمائة، كانت الولادة السعيدة لأبي نعيم، ولد ولادة عادية، دون أن يدري أحد من مستقبل هذا الطفل شيئا، و ما أن فتح عينيه إلى النور حتى رأى الناس جميعا و ميض الذكاء فيهما، فتنبأوا له بمستقبل زاهر، إن تمّ له ما يتطلبه هذا الذكاء الفذّ من رعاية و توجيه.
نبوغه المبكر:
بدت معالم الذكاء على أبي نعيم منذ نعومة أظفاره، و لذلك وجّهه والده الوجهة العلمية، لأنّ ذلك أحسن ميدان للذكاء، تتفتّح فيه العبقريّة، و يعظم الأثر.
و فعلا فقد بدأ الغلام بمجالسة العلماء، و السماع منهم في سن مبكرة جدا، و لم تمض سنوات حتى ذاع صيته بين العلماء، و امتدت شهرته في الآفاق، و أجاز له مشايخ الدنيا سنة نيف [1] و أربعين و ثلاثمائة، و قد كان له من العمر ست سنين- كما يذكر الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ-.
فأجاز له من واسط المعمّر عبد اللّه بن عمر بن شوذب، و من نيسابور شيخها أبو العباس الأصم، و من الشام شيخها خيثمة بن سليمان