النص الثاني موضوعها خاص، لأنها تسمح بالربا بين الوالد و ولده خاصة، و في هذه الحالة تقدَّم النص الثاني على الأول، لأنه يعتبر بوصفه أخص موضوعا من الأول قرينة عليه، بدليل أن المتكلم لو أوصل كلامه الثاني بكلامه الأول فقال: «الرّبا في التعامل مع أي شخص حرام، و لا بأس به بين الوالد و ولده» لأبطل الخاصّ مفعول العام و ظهوره في العموم.
و قد عرفنا سابقاً أن القرينة تقدم على ذي القرينة، سواء كانت متصلة أو منفصلة.
و يسمى تقديم الخاصّ على العام تخصيصاً للعام إذا كان عمومه ثابتاً بأداة من أدوات العموم، و تقييداً له إذا كان عمومه ثابتاً بالإطلاق و عدم ذكر القيد. و يسمى الخاصّ في الحالة الأُولى «مخصصاً» و في الحالة الثانية «مقيداً». و على هذا الأساس يتَّبع الفقيه في الاستنباط قاعدة عامة، و هي الأخذ بالمخصص و المقيد و تقديمهما على العام و المطلق. إلا ان العام و المطلق يظلُّ حجة في غير ما خرج بالتخصيص و التقييد، إذ لا يجوز رفع اليد عن الحجة الا بمقدار ما تقوم الحجة على الأقوى على الخلاف، لا أكثر.
4- و قد يكون أحد الكلامين دالاً على ثبوت حكم لموضوع، و الكلام الآخر ينفي ذلك في حالة معينة بنفي ذلك الموضوع. و مثاله أن يقال في كلام «... يجب الحج على المستطيع» و يقال في كلام آخر:
«المدين ليس مستطيعاً» فالكلام الأول يوجب الحج على موضوع محدد و هو المستطيع و الكلام الثاني ينفي صفة المستطيع عن المدين، فيؤخذ بالثاني و يسمى «حاكماً» و يسمى الدليل الأول «محكوماً».
و تسمى القواعد التي اقتضت تقديم أحد الدليلين على الآخر في هذه الفقرة و الفقرتين السابقتين بقواعد الجمع العرفي.
5- إذا لم يوجد في النصين المتعارضين كلام صريح قطعي، و لا ما