أحدهما: ان معنى الحرف لا يظهر إذا فصل الحرف عن الكلام، و ليس ذلك إلّا لأنّ مدلوله هو الربط بين معنيين، فحيث لا توجد معان أخرى ناتجة من الحروف فلا مجال إلّا لافتراض الربط (1).
و الآخر (2): لا شك في أن مدلول الكلام مترابط الأجزاء، و لا شك في أن هذا المدلول المترابط يشتمل على ربط و معان مرتبطة، و لا يمكن أن يحصل هذا الربط ما لم يكن هناك دالّ عليه و إلّا أتت المعاني إلى الذهن متناثرة و غير مترابطة. و ليس الاسم هو الدالّ على هذا الربط و إلّا لما فهمنا معناه إلّا ضمن الكلام لأن الربط لا يفهم إلّا في إطار المعاني المترابطة فيتعين أن يكون الدالّ على الربط هو الحرف.
و تختلف الحروف باختلاف أنحاء الربط التي تدل عليها (3).
و لمّا كان كل ربط يعني نسبة بين طرفين صحّ أن يقال إن المعاني الحرفية معان ربطية (أي نسبية) و إن المعاني الاسمية معان استقلالية، و كل ما يدل على معنى ربطي نسبي نعبّر عنه أصوليا