الوجوب إلى مدلول الأمر، و لنرجع بهذا الصدد إلى مثال الصياد فإنّا نجد أن الصياد حين يمسك كلبه عن تتبّع الفريسة قد يكون إمساكه هذا ناتجا عن كراهة تتبّع الكلب للفريسة بدرجة شديدة، و قد ينتج عن كراهة ذلك بدرجة ضعيفة، و نظير هذا تماما نتصوّره في النسبة الامساكية التي نتحدّث عنها، فإنّا قد نتصوّرها ناتجة عن كراهة شديدة للمنهي عنه، و قد نتصوّرها ناتجة عن كراهة ضعيفة.
و معنى القول بأنّ صيغة النهي تدلّ على الحرمة في هذا الضوء ان الصيغة موضوعة للنسبة الامساكية بوصفها ناتجة عن كراهة شديدة و هي الحرمة، فتدخل الحرمة ضمن الصورة التي نتصوّر بها المعنى اللغوي لصيغة النهي عند سماعها. و الدليل على أنها موضوعة كذلك هو التبادر كما تقدّم في صيغة الأمر.
و في نفس الوقت قد تستعمل صيغة النهي في موارد الكراهة، فينهى عن المكروه أيضا بسبب الشبه القائم بين الكراهة و الحرمة، و يعتبر استعمالها في موارد المكروهات استعمالا مجازيا.