و من الطبيعي أن لا يتقيّد كثير من الناس بالقوانين لأنها تحدّ حرياتهم، و لأن العمل بمقتضاها يخالف ما تهواه نفوسهم من اطلاق العنان للغرائز و الشهوات، فلا بدّ من وجود جهاز يتولى تنفيذ القانون، و حمل الناس على الالتزام به و تطبيقه و يطلق على هذا الجهاز اسم الدولة [1].
الركن الثالث: السلطة القضائية:
و من الممكن أن تقع اختلافات في العمل بالقانون، أو أن يرتكب بعض الأشخاص مخالفات قانونية، و من هنا كان المجتمع بحاجة إلى جهاز يتولى تحديد المخالفة القانونية بهدف الحفاظ على العدالة الاجتماعية و معاقبة مرتكب المخالفة المتطاول على القانون و العدالة [2].
- و يمثل القانون الأساسي، أو ما يسمى بالدستور الدائم في الحكومات الإسلامية دورا تطبيقيا، أي تطبيق الكتاب و السنة على الحاجات القانونية للأمة، بينما تتمثل صفة أعضاء الهيئة التأسيسية الواضعة للدستور في حسن التشخيص و التطبيق، و استخراج الكليات المحددة من مصادر الإسلام التشريعية، و أما اللوائح القانونية التي تتكفل قضايا أكثر جزئية فيصوبها مجلس الشورى كما سنوضح ذلك مستقبلا.
[1] كالوزارات و ملحقاتها و توابعها التي تعتبر من السلطة التنفيذية، و هكذا يتمتع رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء بسلطات و صلاحيات عالية في هذا الجهاز، و تتمركز السلطة التنفيذية و مسئولية بيان القانون في النظام الإسلامي في شخص واحد هو الإمام أو نائبه، و لكنهما مع ذلك قابلان للانتقال إلى شخص آخر.
[2] تسمّى السلطة القضائية بالحاكم، و يرمز إليها في بلدان كثيرة بتمثال ملك أعمى العينين يحمل بيده ميزانا.
اما الميزان فيرمز إلى المحكمة و هي محل لاستماع كلام الخصمين معا و وزنهما و تقويم صحتهما و سقمهما بميزان القانون و العدل.-