و أما البلاد الأوروبية الأخرى، فإنها بسبب الفصل بين أوروبا و بريطانيا لم تتمكن من الاستفادة من الأسلوب البريطاني، و بقيت خاضعة لسلطة و سيطرة الحكومات المستبدة.
حتى اهتم مفكرون و علماء من فرنسا مثل «روسو» و «مونتسيكو» اهتماما كاملا بالحرية و قضاياها، و استطاعوا عن طريق نشر مؤلفاتهم [1] أن يحققوا يقظة الشعب الفرنسي، و يعرّفوه بحقوقه الوطنية، و حقه في الحرية، إلى أن انتهت تلك اليقظة، و ذلك الوعي إلى الثورة الفرنسية عام (1789) ميلادية، و أقاموا الجمهورية الفرنسية [2] و كتبوا الدستور الفرنسي في عام (1871) ميلادية أي بعد (82) سنة اتخذ الدستور صيغته الكاملة [3] و كتبت أميركا عام (1777) ميلادية دستور الولايات المتحدة، و بقيت تجري عليه و للتوضيح الأكثر لا بد من الحديث عن كيفية ظهور كل من القوانين الوضعية، و القوانين السماوية الإسلامية، ثم الإشارة إلى أبرز المميزات الكلية للقوانين الإسلامية التي تميزها على القوانين الوضعية.
ظهور القوانين البشرية الوضعية:
يعتقد البعض أن القوانين الوضعية البشرية لكل عصر أو دورة تاريخية بشرية (عصر الاشتراكية، الرق، الإقطاع، الرأسمالية الاشتراكية) يتوقف أو يرتبط بنوعية الانتاج و وسائله، و الخصوصيات الاجتماعية للمجتمع بمعنى أنه كلّما
[1] مثل روح القوانين لمونتسيكو الذي أقدم على تأليفه عام (1728) ميلادية يعني (61) عام قبل الثورة الفرنسية (كتاب روح القوانين: 33) و مطالعة هذا الكتاب توجب الوقوف الكامل على قوانين الحكومات بل روحها، و ينبغي الدقة في مطالعته.