و هناك آيات كثيرة في الكتاب العزيز [1] تدل على اختصاص هذه السلطة به تعالى و ليس لأحد أن يتقول [2] على اللّه تعالى حتى الأنبياء العظام، فإن شأنهم في هذه المرحلة إنما هو التبليغ، لا التشريع، و حيث إنهم معصومون بعصمة اللّه تعالى، فلا يخطئون في تبليغها، و لا يعصون فيما أمرهم اللّه به.
استنباط الأحكام الكلية من طريق الفقاهة:
و أما شأن الفقيه بالقياس إلى هذه الأحكام الكليّة فليس إلّا الاطلاع عليها و الكشف عنها بالطرق المعتبرة من الكتاب، و السنة، و الإجماع، و العقل، فإذا وقع استنباطه على شيء منها، أي انكشف لديه حكم شرعي كلّي يفتي به و يقول- مثلا- هذا الشيء واجب في نظري أو حرام، أو نحو ذلك، و تكون فتواه حجة لنفسه و لمن يقلده و يعبّر عن هذا بالولاية على الفتوى و لا ترتبط به الولاية على الحكومة بوجه.
تطبيق الأحكام الكلية على مصاديقها الجزئية:
ثم إن هذه الأحكام الكليّة قد تنطبق على مصاديقها الجزئية تبعا لتحقق موضوعاتها في الخارج، فمثلا يوجد في الخارج مصداق للخمر، و يكون محكوما بالحرمة، و إحراز هذه المصاديق الخارجيّة ليس من شأن الفقيه، بل كل فرد من أفراد الناس يمكنه ذلك، فإذا أحرز أن شيئا- مثلا- خمر حرم عليه، و هذا حكم جزئي في مورد خاص.
[1] كقوله تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلّٰا لِلّٰهِ* (الأنعام: 57) و قوله تعالى: أَلٰا لَهُ الْحُكْمُ (الأنعام: 62) و نحوهما من الآيات الدالة على اختصاص الحكم به تعالى.