الجعل و التصديق على القانون بصورة الاستفتاء العام- كان ذلك أمرا ممكنا، و إن كانت تنطوي مع ذلك على إشكالات ذكرناها في دراسة الحكومات [1] و من جملة تلك الإشكالات عدم معرفة عموم الناس بما يصلحهم في التصديق على القانون خصوصا الأكثرية الجاهلة إذ لا قيمة لها في نظر الإسلام، و قد ذمّها الإسلام في أكثر من موضع في القرآن الكريم.
و لكن بالنسبة إلى السلطة التنفيذية لا يمكن أبدا أن يقوم عموم الناس أو أكثريتهم بعملية تنفيذ القوانين و إجرائها بمعنى التصدي لأمور البلاد، بل يجب انتخاب جماعة معينة لهذه المهمة، ليتسلموا أزمة البلاد، و إلّا وقعت الأمة في الهرج و المرج، و التمزق و التشرذم.
بناء على هذا نستنتج أن معنى ثبوت الولاية الإلهية للناس (عموم الناس أو أكثريتهم) هو بمعنى السلطة على انتخاب فرد صالح لقيادة البلاد الإسلامية، و حيث إن حدود الأكثرية ليست معلومة وجب العمل بالقدر المتيقن، و يتحقق ذلك في ولايتهم في انتخاب أحد الفقهاء الجامعين للشرائط لا أكثر من ذلك.
الفقيه و ولاية الأمر:
لقد جرى الحديث في مبحث إثبات ولاية الأمر للمعصوم 7[2] حول التعريف بولي الأمر و أنه من هو، و ذكرنا هناك [3] أقوال المفسرين في قوله تعالى:
أَطِيعُوا اللّٰهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[4]. و قلنا هناك إن عنوان «أولي