إنه يجب اعتبار ولاية الفقيه- بمعنى ولاية الزعامة و القيادة- أمرا ضروريا و بديهيا، و لكن الولاية بمعنى حق التصرف في النفوس و الأموال التي يعبّر عنها في الاصطلاح الفقهي ب «ولاية التصرف» بمعناها الخاص، مسألة قد بحث فيها الفقهاء، و نحن نبحث فيها أيضا تبعا لهم، و ثبوتها للإمام المعصوم 7 لا يرتبط أبدا بمقام الإمامة و الزعامة الثابتة لهم، بل هي نوع امتياز استثنائي، و أمر ذو خصيصة تشريفاتية؛ و لهذا لا ينافي نفيها عن الفقيه مع إثبات ولاية الزعامة و ولاية التصرف في الأمور الاجتماعية له أبدا.
و يمكن أن نقول: ليست للفقيه تلك الولاية الخاصة، و لكن له ولاية التصرف في الأمور العامة المتعلقة بإدارة شئون البلاد من جهة كونه نائب الإمام، و ما نفاه الفقهاء في الغالب من ولاية التصرف إنما هو الولاية بالمعنى الخاص، و أما «ولاية الرئاسة» فقد أثبتوها للفقيه، و قالوا بها، و لو من باب ولاية الحسبة- و قد أوجب هذا الأمر بنفسه الاشتباه و الالتباس حول محل الإثبات و النفي عند كثير من الأشخاص.
ولاية التصرف في الأموال و النفوس بمعزل عن ولاية الزعامة:
إن المقصود من ولاية التصرف- حسب الاصطلاح- كما أسلفنا هو: المعنى الأول، و بالعنوان الأوّلي يعني سلطة الفقيه المباشرة و المستقلة على أموال الآخرين و نفوسهم بحيث يكون تصرف الفقيه على نحو الاستقلال نافذا و واجب الإجراء مثل تصرف الإنسان نفسه في ماله و نفسه، كما لو باع- مثلا- بيت أحد أو أجّره نفذ بيعه و اجارته، و إذا طلق امرأة من زوجها صح طلاقه و وقع.