و هذا أمر جرى عليه حكم الإسلام و حكم العقل، و حكم العرف، و سيرة الناس في كل أنحاء العالم بلا استثناء.
و إن السعي لحذف و إلغاء الشرائط التي يعتبرها الإسلام في القاضي هو نوع من الاستهانة بأحكام الإسلام، و نوع من عدم الاكتراث بها، و يعدّ عملا فوضويا يؤدّي إلى الهرج و المرج و يقصد منه سيادة الفوضى في المجتمع الإسلامي، و هو أمر من شأنه أن يجرّ البلاد الإسلاميّة إلى الدمار و السقوط، و المسلمين إلى الانحلال و الانفلات الأخلاقيين.
و أكرّر أيضا أنّه يشترط حتما في القضاء و القاضي شرطان أساسيان:
العدالة، و الفقاهة.
الأمر الثاني: الفقاهة النسبيّة (أو التجزي في الاجتهاد):
هل يجب أن يكون القاضي الإسلامي فقيها مطلقا، أو تكفيه الفقاهة النسبية؟
و حسب الاصطلاح المعروف عند الاصوليين هل يجوز للمجتهد المتجزئ القضاء أو يجب أن يكون القاضي مجتهدا مطلقا.
و المقصود من الفقاهة النسبيّة أو التجزي في الاجتهاد هو أن يكون الشخص قادرا على استنباط قسم من الأحكام الفقهية، كاستنباط خصوص أحكام القضاء و توابعه و ملحقاته، دون أن يكون له قدرة على استنباط الأحكام في أبواب اخرى، أو لا يذهب إلى استنباط الأحكام في المجالات الاخرى، أو ليست له رغبة أساسا في ذلك.
و هنا يتركز البحث في موضوعين: الأوّل: البحث في الكبرى و هو إمكان الفقاهة النسبية، أي أنه: هل القدرة على استخراج الأحكام و استنباطها قابل للتجزئة و التبعيض أو لا؟