و في صورة عدم المجتهد يجب أن يتم تأديب المتخلّفين بواسطة العدول من المؤمنين، مع رعاية الاحتياط الكامل، و إذن الحكومة المركزية بعنوان الحسبة و من باب حفظ الأمن، و مع رعاية مصلحة الدولة و الأمة الإسلامية، و من البيّن أنّ تشخيص مجموعة هذه الأمور و الاعتبارات ليس بأمر سهل، و ليس لغير الفقيه إلّا أعمال مراتب الأمر بالمعروف [1].
قاضي التحكيم:
بعد أن عرفنا أن «ولاية القضاء» من المناصب الإعطائية و الجعليّة، بدلالة استعمال لفظة: «الجعل» بالنسبة إلى القاضي، كما في صحيحة أبي خديجة التي قال فيها الإمام 7: «فإنّي قد جعلته قاضيا» و في مقبولة عمر بن حنظلة [2] التي قال فيها الإمام 7: «فإنّي قد جعلته حاكما».
فمن هذه العبارة يستفاد- بجلاء- أن «ولاية القضاء» مفهوم اعتباريّ جعليّ، و قابل للخلع و اللبس، يعني: أنه يمكن إعطاؤه لأحد، و استرداده منه.
هذا علاوة على أن نفس هذا المفهوم كان و ما زال ساريا و جاريا في أسلوب الحكومات الإسلامية و غيرها يعنى أن جميع الدول الإسلامية و غير الإسلامية هي التي تنصب القاضي و تعزله، و قد جرى الإسلام على هذا المنوال أيضا.
فإذا كان الأمر كذلك، فمن هو الذي يعطي هذا المنصب؟
قد يكون المعطي هو الشرع المقدّس أي أن (وليّ الأمر) ينصب شخصا لهذا
[1] للأمر بالمعروف مراتب (الأولى) الانكار بالقلب يعني اظهار كراهة المنكر أو ترك المعروف (الثانية) الانكار باللسان و القول بالوعظ و النصيحة (الثالثة) الانكار باليد بالضرب المؤلم الرادع عن المعصية و لكل من هذه المراتب أخف و أشد (راجع منهاج الصالحين 1: 337، المسألة 1272 بتلخيص) و يأتي توضيح المقام في القاضي الآمر بالمعروف.