يتميز الدين الإسلامي بأنه دين فطرة و وجدان، و عقل و برهان، يستمد معارفه من معين الوحي، و يستقي مبادئه من المثل الانسانية، و تنطلق عطاءاته من قواعد التحليل، و تتأصل هداياته من منطق الدليل.
و كلما تماسك معه الإنسان المسلم تكاملت فيه طاقاته الفطرية، و تمرست في نفسه قدراته الفكرية، و تأملاته العقلية، و ركائزه الذاتية.
و الدين الإسلامي يرسم للإنسان المسلم كيانا ذاتيا متكاملا، و يجعل له فكرا واعيا يجنح الى المعرفة، و قلبا ذكيا يفقه الحقيقة، و بصيرة نافذة تدرك الهداية، و سمعا مرهفا يلتقط الخير، و لسانا مهذبا ينطق بالحق، و مقومات ذاتية تتكامل بها شخصيته الروحية المرهفة.
و هكذا يصنع الإسلام من أصوله الخمسة الإنسان المسلم كائنا حيا سويا، يجعل من ايمانه بالمبدإ عقله الذي يتدبر العظمة الإلهية، و يخلق من عقيدته بعد له قلبه الذي يزن معايير الوجود، و يصنع من تصديقه بالنبوات و الخلائف سمعه الذي يعى أحسن الأمور، و يعدّ من يقينه بالمعاد عينه التي تبصر حياته الأبدية الخالدة.
و هذه هو خلّاقية الإسلام و فاعليته و عطاءاته تتحرك في خلقه و سيرته كما تدب الحياة في شراشر وجوده.
ثم هل انّ التحول الإنساني العام هو الذي كان يبعث على تدرج الأديان من شريعة الى شريعة، أم أن تحولات الأديان- في ذاتها- هي التي كانت تتدرج بالإنسان من حضارة الى أخرى.