من البديهي أن حفظ النظام في الحياة البشرية يرتبط ارتباطا وثيقا باحترام القانون و اتباعه، و تشكيل حكومة عادلة ينتفع بها الجميع على قدم المساواة.
و حق الحاكمية و السلطة المطلقة في الفكر الإسلامي خاص بالذات الالهية المقدسة، لأن مثل هذا الحق ثابت لخالق الكون، و طبيعي له دون غيره؛ لأنه المالك، مالك السماوات و الأرض و ما بينهما.
و أما أفراد البشر، فليس لأحد منهم حق الحاكمية على الآخرين؛ لأن الجميع متساوون، و لأنهم أبناء نوع واحد، فإذا كانوا كذلك فلا يحق ذلك لأحدهم على آخر، و ليس الهدف الرئيسى للأنبياء، إلّا تحرير البشرية من عبودية الجبابرة المتسلطين و سلطانهم و إدخالهم جميعا في ولاية اللّه، و تحت سلطانه الحق، تحت حكومة «لا إله إلّا اللّه».
لقد بدأ الأنبياء كفاحهم- في هذا الميدان- من مواجهة الفراعنة و الظالمين في عصورهم مواجهة قوية، و قادوا أعظم الثورات السماوية لمجابهة الطواغيت في أزمنتهم.
و بهذا النمط أعادوا «الحريّة» إلى البشرية، و أعادوا إلى المستضعفين نعمة اللّه التي سلبهم المتسلطون الطغاة إيّاها، و أقروا حكومة «اللّه» فقط، و أوجدوا المجتمع التوحيدي الذي يعني المجتمع المؤمن باللّه العابد له وحده، الحرّ من العبودية لغيره، و أطاحوا بحكومة الباطل، و سلطانه.
إن الحكومة في الإسلام تقوم على أساس الإيمان باللّه، و بما وراء الطبيعة، و الإسلام يرى أن حق الحاكمية أساسا خاص بالمقام الربوبي، و هي تجد طريقها إلى مرحلة التطبيق العملي بالقوانين الالهية التي جاء بها الأنبياء.