نام کتاب : أنوار الأصول نویسنده : الشيخ أحمد القدسي جلد : 1 صفحه : 147
و ثالثاً: لا ينحصر طريق حلّ المشكل في الاشتراك بل إنّ باب المجاز واسع.
فظهر: أنّ الحقّ إمكان الاشتراك لا وجوبه و لا امتناعه، كما أنّ الحقّ إمكان الترادف أيضاً لكونه مقتضى حكمة الوضع، فربّما تقتضي الفصاحة استعمال ألفاظ مترادفة في معنى واحد للتأكيد أو غيره.
الأمر الثاني: في علّة الاشتراك و منشئه
لا إشكال في أنّه من البعيد جدّاً أن يكون منشأ اشتراك بعض الألفاظ وضع واضع واحد، فيضع لفظاً واحداً تارةً لمعنى و اخرى لمعنى آخر، بل يحتمل فيه وجهان آخران:
الوجه الأوّل: أن يكون المنشأ تعدّد الوضع التعييني بسبب تعدّد القبائل و الطوائف في لغة واحدة كأن تضع قبيلة لفظاً في معنى، و تضع قبيلة اخرى من نفس تلك اللّغة ذلك اللفظ في معنى آخر.
الوجه الثاني: الوضع التعيّني، فوضع لفظ العين مثلًا في بدو الأمر للعين الباكية ثمّ استعمل في الجارية مجازاً بعلاقة الجريان، و صار بعد كثرة الاستعمال حقيقة، و كذلك بالنسبة إلى المتجسّس بعلاقة النظر و كونه بمنزلة البصر على الخصم، و هكذا بالنسبة إلى سائر معانيه.
أضف إلى ذلك ما يقع في الأعلام الشخصيّة، فإنّه كثيراً ما يختارون اسم «محمّد» لأفراد كثيرة، أو اسم فاطمة لعدّة بنات تبرّكاً باسم النبي 6 و بنته الزهراء (سلام اللَّه عليها)، فيكون هذا من أسباب الاشتراك في الأعلام، أو يسمّون مسجداً باسم أمير المؤمنين 7 في بعض البلاد، و مسجداً آخر باسمه 7 في بلدة اخرى و هكذا.
لكن هنا أمر ينبغي التنبيه عليه، و هو أنّا و إن قلنا بإمكان المشترك و وقوعه لا سيّما في باب الأعلام إلّا أنّ كثيراً من الألفاظ التي يتوهّم كونها مشتركاً لفظيّاً، مشترك معنوي أو من قبيل الحقيقة و المجاز، نحو «القرء» فإنّ المعروف كونه مشتركاً لفظياً و إنّه وضع للطهر تارةً و للحيض اخرى، مع أنّه مشترك معنوي وضع لمعنى انتقال المرأة من حال إلى حال، و الانتقال له فردان: الانتقال من الطهر إلى الحيض و بالعكس، و يشهد عليه استعماله في مطلق الانتقال في لسان القرآن و كلمات بعض أهل اللّغة، و لعلّ لفظ «العين» بالنسبة إلى معانيها الكثيرة أيضاً كذلك، كما يشهد له عبارات المفردات للراغب في ذيل البحث عن كلمة «عين» و إليك نصّها
نام کتاب : أنوار الأصول نویسنده : الشيخ أحمد القدسي جلد : 1 صفحه : 147